اعرَفي نفسكِ لتتجاوزي غضبكِ
باب: اين أنا غداً
الكاتبة: الإخصائية النفسية: دينا برقان
التاريخ: يونيو 27, 2024
لكي تعبِّري عن مشاعرك بحزم، في البداية عليكِ أن تعرفي وتُحدِّدي ما هي مشاعرك، ولماذا تولَّدت لديكِ هذه المشاعر؟ عندما تُحَدِّدين ما هي المشاعر الَّتي سبَّبَتِ الغضب لديكِ، تستطيعين التَّعبير عنها:
- شعور الغضب النَّاتج عن ألم نتيجة عدم تسديد احتياجاتِك:
- حدِّدي ما هي احتياجاتكِ: قد تكون احتياجات تُعتَبَر بسيطة كالحاجة إلى وقتِك الخاصّ لتهتَمِّي بنفسِك، أو إلى دعم من الأشخاص المُحيطين بكِ للقيام بأمر يهمُّكِ، أو مُساعدتك في أمور الحياة اليوميَّة، أو احتياج إلى زيادة التَّواصل مع الأصدقاء أو احتياجك إلى… (حدِّدي بنفسِك).
- و كيف ستُسَدِّديها؟ إذا كنتِ تتوقَّعين أنَّ الأشخاص الآخرين هم فقط مَن عليهم تسديد احتياجاتِك، فأنتِ ستتحرَّكين في دوائر مُفرَغَة، لذلك عليكِ تطوير قدرتك على تسديد احتياجاتك في حال عدم قدرة مَن حولك على ذلك.
- شعور الغضب النَّاتج عن الشُّعور بالذَّنب: حدِّدي سبب هذا الشُّعور، هل مَن حولك يتصرَّفون بطريقة تجعلكِ تشعرين بالذَّنب لأنَّكِ لم تلبِّي احتياجاتهم؟ هل يحاولون أن يُسقِطوا سبب تعاستهم عليكِ؛ لأنَّكِ لم تكوني موجودة في الوقت المناسب لهم بل كُنتِ تهتَمِّين بما يخصُّكِ؟
الآن وقد حدَّدتِ مشاعرَكِ وأسبابها، كيف ستتصرَّفين؟ في البداية، لا بُدَّ أن تعلَمي أنَّكِ لا تستطيعين إجبار الآخرين على تغيير تصرُّفهم أو طريقة تفكيرهم، الشَّخص الوحيد الَّذي تستطيعين تغييره هو أنتِ. لذلك عند التَّعبير عن مشاعرك الَّتي تسبِّب غضبكِ، فالأفضل أن تتحَدَّثي عن نفسِك ومشاعِرِك، وما سوف تفعلينه لتغيير هذه المشاعر. لا تقومي بلوم الطَّرف الآخر ولا تطلُبي منه التَّغيير، لكن كوني واضحة كيف ستقومين بالتَّغيير وضعي حدودًا واضحة لما هو مقبول أو غير مقبول بالنِّسبة إليكِ. إليك هذه الأمثلة لتوضِّح كيف:
مثال 1
حاولتِ أكثر من مرَّة أن تُرتِّبي موعدًا للقاء صديقاتِك، لكن في كلِّ مرَّة تضطرِّين إلى التَّأجيل لأنَّكِ لا تستطيعين أن تتركي أطفالك في البيت وحدهم. وزوجك لا يُفَضِّل أن يعتنيَ بهم وحده ويُحضر عمله إلى المنزل ليُكمله في المساء، فبدأتِ تشعرين بالغضب يتولَّد في داخلك. ماذا عليكِ أن تفعلي؟
أوَّلًا:
حدِّدي المشاعر الكامنة وراء غضبِك، قد يكون الألم نتيجة الشُّعور بالوحدة لحاجتك لقضاء وقت مع الأصدقاء والتَّواصل معهم.
ثانيًا:
بعد أن حدَّدتِ مشاعِرَكِ، كيف ستُسدِّدين احتياجكِ؟ في البداية، تواصَلي مع زوجك، أخبريه بمشاعرك وحاجتِك، تكلَّمي عن نفسِك أنتِ وليس عنه، أخبِريه أنَّكِ بحاجة إلى التَّواصل مع أصدقائِك لأنَّكِ تشعرين بالوحدة. ولتتمكَّني من الخروج، يجب أن تجدي شخصًا يعتني بأطفالِك. قد يتفهَّم زوجك احتياجَكِ وتتوصَّلان إلى حلٍّ مُناسِب معًا. لكن إذا لم يحدث ذلك، وأخبرَكِ أنَّه لا يُفَضِّل الاعتناء بالأطفال وحده، أخبريه أنَّكِ ستُفَكِّرين بطريقة أخرى لتُسدِّدي حاجتكِ إلى التَّواصل مع الآخرين. في هذه الحالة ستتصرَّفين بنفسِك لتسديد احتياجك. فمثلًا ستطلُبين مساعدة من شخص آخر، أو قد تطلبين من أحد أفراد العائلة أن يأتي ليعتنيَ بأطفالك أو تتركين الأطفال عندَه، أو قد تختارين مكانًا مناسبًا للأطفال وتلتقين مع صديقاتِك فيه.
ثالثًا:
أكِّدي لزوجك أنَّكِ لا تقومين بذلك لجعله يشعر بالذَّنب، وأنَّكِ لا تستثنينه من حياتِك، لكنَّكِ بحاجة إلى تسديد احتياجِك ولديك الطَّريقة لذلك دون أن تطلبي منه أن يُغَيَّر روتينه اليوميَّ.
مثال 2
أحد أفراد العائلة يعتمدُ عليكِ بالكامل لدعمه ومساعدته عندما يقع في مشكلة. يتَّصل بكِ في أيِّ وقت كان للحديث عن مشاعره ومشاكله، أو يتَّصل بكِ ليطلب منكِ أن تساعديه في أمور معيَّنة. لكن عندما تخبرينه أنَّكِ مشغولة أو لديك التزام معيَّن وأنَّكِ لا تستطيعين أن تستمعي إليه حاليًّا أو لا تستطيعين أن تساعديه فيما يطلب ـــ فإنَّه يقوم بإلقاء اللَّوم عليكِ إذا لم يحصل على ما يريد أو إذا وقع في مشكلة معيَّنة. أو مثلًا يُخبِرك بأنَّه لا يريد أن يكون عِبئًا عليكِ بعد الآن. فتُجبِرين نفسَكِ في المرَّات القادمة أن تقومي بما يطلبه منكِ، لكن وأنتِ تشعرين بالغضب لا بالفرح إذ تُساعدينه. لكن لماذا الغضب، وكيف تتعامَلين معه؟
أولاً:
ما المشاعر الكامنة وراء الغضب؟ قد يكون شعورك بالذَّنب إذا وقع ذلك الشَّخص في مشكلة، وذلك لأنَّكِ اعتدتِ أن تكوني موجودة عندما يحتاجكِ فأصبحتِ تشعرين بالمسؤوليَّة تجاه حياته.
ثانياً:
ما سبب الشُّعور بالذَّنب؟ اعلَمي أنَّكِ أنتِ المسؤولة عن مشاعرك، لذلك عليكِ أن تتعلَّمي كيف تتعاملين معها. فشعورك بالذَّنب في مثل هذا الموقف قد يكون نتيجة تحمُّلِك مسؤوليَّة حياة شخص آخر. ولكي تضعي حدودًا معيَّنة لذلك الشَّخص، قد تضطرِّين إلى تحمُّل الشُّعور بالذَّنب لبعض الوقت حتى تتخلَّصي من الشُّعور بالمسؤوليَّة تجاه حياته.
ثالثاً:
كيف؟ في البداية، ارسمي حدودَكِ أي حدِّدي لنفسِك أولًا الأوقات والمواقف الَّتي سوف تكونين فيها مُتاحة لمُساعدة ذلك الشَّخص. بعد ذلك، أخبِريه كيف ومتى ستكونين موجودة لدعمه، ومتى لن تكوني موجودة، ولماذا. تحدَّثي عن نفسِك وحدودِك، وليس عن تصرُّفاتِه.
الأمثلة السَّابقة وضَّحَت لكِ خطوات تُساعدكِ على التَّعبير عن نفسِك بحزم. بناءً على ما سبق، ما هو الحزم؟
الحزم هو أن يكون لديك القدرة أن تعبِّري عن نفسِك وحاجاتِك ومشاعرِك بهدوء وثبات دون عصبيَّة وانفعال. وأن تكوني واضحة ومباشرة فيما تُريدين وكيف ستتتصرَّفين لتحصلي عليه. وتذكَّري دائمًا أنَّ الشَّخص الوحيد الَّذي تستطيعين أن تُغَيِّريه هو نفسُكِ. فأنتِ لا تستطيعين أن تُغيِّري الآخرين ولا تستطيعين أن تُغَيِّري الظُّروف. لكنَّكِ تستطيعين أن تُغَيِّري تصرُّفَكِ تجاه الآخرين وتجاه الظُّروف المُحيطة بكِ.
لكن هل سيتقبَّل مَن حولي التَّغيُّرات الجديدة في تصرُّفاتي؟ سيكون هذا موضوعَ المقال القادم.
انضمي إلينا اليوم وكوني جزءًا من مجتمعنا المتنوع! سجّلي الآن وأنشئي ملفك الشخصي للاستمتاع بفوائد عديدة وتجارب فريدة داخل موقعنا.