إعداد: ديمة فاخوري من فريق المرأة العربية اليوم
هناك أشخاص مروا في حياتنا مرورًا سريعًا دون أن يتركوا أي أثر، وهناك مَن تركوا أثرًا واضحًا في حياتنا نذكره حتى بعد سنين طويلة. تخيلي الأثر الذي تركته قبلات أمك على وجنتَيكِ وأنتِ صغيرة، تذكَّري أصابعها وهي تتحرَّك بين خصلات شعرك لتبعث فيكِ الراحة والهدوء في أوقات الحزن والبكاء.
مثل هذه اللمسات لا ينتهي تأثيرها حتى بعد مرور السنوات. هكذا هي الشخصية المؤثرة التي تترك أثرًا في نفس وقلب غيرها. الشخصية المؤثرة تمتلك القدرة والقوة للتأثير في الآخرين وقراراتهم وطريقة تفكيرهم في الحياة.
فكِّري معي بهذه الطريقة: ما هي البصمة التي تتركينها في حياة مَن حولك؟ هل علاقاتك سطحية؟ هل تشعرين أنكِ منهمِكة بمشغوليات الحياة لدرجة فقدتِ العمق في علاقاتك؟ هل ترَين نفسك مؤثِّرة في مكان عملك أم أنتِ مجرَّد رقم؟
لكل واحد منا هدف ودعوة في حياته، وكذلك أنتِ. هناك هدف معيَّن ودعوة معينة لحياتك. أنتِ لستِ إنسانة عادية إنما تتميزين بشخصيتك وأهدافك والقصد من حياتك. لذلك يجب أن تعرفي ما هو هذا المعنى أو القصد لحياتك حتى تستطيعي أن تحققي ذاتك الحقيقية وتكوني مؤثرة. ومعرفتك هذه غاية في الأهمية؛ لأنها ستساعدكِ أولًا على إطلاق إمكاناتك الحقيقية.
وثانيًا عندما تكونين على الطريق الصحيح ستتمكنين من استغلال الفرص المناسبة في حياتك عندما تأتي. لأنك ستكونين مُعَدَّة ومُهَيَّأة وما عليكِ عندها إلا أن تحتضني هذه الفرص في حياتك الواقعية بالإضافة إلى توفير الجهود بدلًا من إضاعة الفرص. كما أنَّ هذه المعرفة ستجعلكِ تمتلكين شغفًا للحياة يُغني حياتك بالوفرة والشبع. وهذا ليس فقط على الصعيد الشخصي إنما ستتمكنين من المساهمة بإيجابية في محيطك ومجتمعك وعالمك؛ لأنَّ وعيك هذا سيؤثر في صحة حياتك وعلاقاتك.
إنَّ عيشك هدف حياتك، سيجعلك تسيطرين أكثر على حياتك ويقلل من التوتر في أنظمتها، وبالتالي سيزيد من سعادتك، وستحصدين نتيجة لهذا صحة نفسية وجسدية أفضل.
سألنا بعض السيدات والبنات، فكري في شخصية مؤثرة في حياتك، حاولي وصفها بصفة واحدة. تعدَّدت الأجوبة واختلفت، نذكر منها أنَّ الشخصية المؤثرة هي شخصية:
- أثرت فيَّ، واهتمَّت بي وبحاجتي لا بحاجاتها هي.
- أصغت إليّ، ولم تكترث بمجرَّد إعطائي تعليمات حول ما ينبغي أن أفعل.
- كانت موجودة ومتاحة، وشاركتني خبراتها.
- متواضعة وضعت يدها بيدي، ومشت معي الطريق.
بالتأكيد لا توجد استراتيجية ذات مقاس واحد يُناسب الجميع لتحقيق التأثير. ومع ذلك، هناك بعض النصائح التي يمكن تطويرها في شخصيتك لزيادة تأثيرك. استمري بالقراءة لمعرفتها.
والسؤال الآن كيف أكون قائدة مؤثرة وناجحة؟
- ثقي بنفسك: هذه هي العادة الأكثر أهمية لتصبحي مؤثرة. الإيمان بنفسك هو الأساس ليبدأ الآخرون الإيمان بكِ. عندما تشعرين بالثقة وتُظهرينها، فإنك ستجذبين الناس إليك بشكل طبيعي.
- عاملي الناس باحترام: اقبَلي رأي الآخر واحترميه. إنَّ الأفعال تتحدَّث بصوت أعلى من الكلمات. الاحترام هو إحدى القيم الأساسية في الحياة، ومن المؤكد أنَّ الناس سيثقون بكِ إن كنتِ تحترمينهم.
- كوني صادقة: كوني شخصًا مؤثِّرًا للأسباب الصحيحة. عندما تكونين صادقة في كلماتك وأفعالك سيخلق هذا لكِ فرصًا للتواصل والتفاعل مع الناس بشكل إيجابي. تأكَّدي من أنَّ ما تقولينه وتفعلينه يتوافق مع هويتك.
- أظهِري مشاعر الامتنان والتقدير: ليس هناك مجال للتركيز على الذات أو السطحية إذا كان هدفك هو أن تصبحي مؤثِّرة. اسألي الناس عن أحوالهم واستمعي إلى ما سيقولونه. تبادلي الأفكار فإنَّ الناس يُحِبّون أن يشعروا بالتقدير.
- ليكن تواصلك فعّالًا: أنصتي واستمعي جيِّدًا وتواصلي بالنظر المباشِر. تحدَّثي بطريقة مناسبة وتواصلي مع الناس بطريقة يفهمونها ويشعرون بأنهم منخرطون في المحادثة. تجنَّبي متلازمة أنك تعرفين كل شيء، وأنكِ على عِلم بكل شيء.
- كوني مفيدة: حدِّدي الفُرص لمساعدة الآخرين. كوني استباقية ومنتبِهة.
- لا تطلبي مقابِلًا: إنّ من أهمّ الأشياء التي تجعل من الشخص مؤثّرًا في الآخرين ألّا يطلب منهم شيئًا مقابل ما يقدِّمه، وذلك عن طريق مشاركة المعرفة معهم وإمدادهم بالنصائح التي يحتاجونها في المجال الذي يستطيع المساعدة فيه، وهذا ما يجعله محبَّبًا جدًّا ونبيلًا في نظرهم، الأمر الذي يُكسِبه ودَّهم واحترامهم وبالتالي التأثير فيهم.
- تعاطفي مع الآخرين: ضعي نفسكِ مكانهم.
- ابدئي بدايات بسيطة: ويحدث هذا من خلال التفاعل مع الآخرين بصورة يومية، فمثلًا عندما تتواصلين مع الناس يمكنك أن تطرحي سؤالًا لتُطيلي الحوار- إن كان مناسبًا- بدلًا من الإجابة بكلمة واحدة. وعادة هذه الأسئلة غالبًا ما تكون إجابتها مفتوحة نطرح فيها أسئلة، مثل: كيف تشعرين؟ هل يمكنك أن تخبريني بالمزيد عن…؟ ما رأيكِ في…؟ بحيث تحوِّلين الإجابة إلى فرصة لتعبير الشخص الآخر.
- خصصي وقتًا نوعيًّا: وبالأخص لمَن تؤثرين بصورة مباشرة في حياتهم.
- قدِّمي للناس ما يحتاجون إليه: لا ما تريدين أنتِ تقديمه. فكّري في الآخر لا في نفسك.
- أشعري الآخر بأهميته: سيتحفَّز الناس للفعل والتغيير إذا شعروا بأهميتهم وتفرُّدهم كأشخاص.
- مكِّني الآخر: تمكين الآخرين يُعطي مزيدًا من السلطة ويحفِّزهم.
- كوني قائدة لا مديرة، فهناك فرق بين القائد والمدير: القائد يعمل وفق رؤية وأهداف موضوعة، ولا يُملي الأوامر فحسب. القائد يتواضع ويُبادر قبل الكل بالفعل وتطبيق الرؤية، وهو على قناعة تامة بأنَّ النجاح هو نجاح فريق العمل كاملًا.
إن أردتِ أن تؤثري في الآخرين بصورة حقيقية دون استخدام القوة، قدِّمي للناس حاجتهم الحقيقية وسيتبعونك بلا أدنى شك. كوني أنتِ مثالًا يُقتَدى به، وهذا لا يتطلَّب منكِ الكمال إنما أن تكوني أنتِ على حقيقتك، ولكن بقلب يسعى بصدق إلى تطوير الآخر وإحداث الفرق في حياته.
توصيات أخيرة
- أنتِ متميزة بنفسك وتأثيرك الأصيل المختلف عن غيرك هو الذي يترك أثرًا؛ لأنه يكون حقيقيًّا مدعومًا بصفاتك الحقيقية.
- تأمّلي في نقاط قوتك واجتهدي لتطوِّريها، واكتشفي ماذا يمكنكِ أن تُحسِّني من ضعفات، وتتفادي من معوِّقات لتكوني أكثر تأثيرًا.
- شاركي الآخرين بأفكارك وما تعلَّمتِه ومارسي- كبداية- أكثر النقاط التي شعرتِ بأهميتها على أرض الواقع مع صديقة لكِ أو شخص مقرَّب؛ لأنَّ هذا سيساعد الآخر هو أيضًا أن يصير مؤثِّرًا رائعًا بنفس القدر الذي سيجعلكِ أنتِ.
المراجع:
7 Reasons For Why Knowing Your Life Purpose Is Important