تكاد الحياة الزوجية لاتخلو من المشاكل والتغيرات، إنها بمثابة التوابل التي من شأنها أن تزيد إما من سعادة الزوجين أو من تعاستهما، لكن التعاسة تكون الغالبة دائماً، فكما يقول المثل “الضغط يولد الانفجار”، وعلى هذا قام بعض الاختصاصيون النفسيون بالبحث عن طرق وأفكار ونصائح جديدة وغير تقليدية تساعد في استمرارية ونجاح الأزواج في حياتهم المشتركة.
إن لتغيرات الطبيعة دوراً كبيراً وإيجابياً في تغيير نفسية الأزواج من أحسن إلى أسوأ، يعد فصل الشتاء من الفصول المفيدة في معالجة المشاكل الزوجية، بفضل ما يحمله من دفء وحميمية تساعد الزوجين على الاقتراب من بعضهما أكثر فأكثر، أما فصل الصيف تكون فيه العلاقة الزوجية هادئة وخالية من المشاكل، بسبب ما ينظم خلاله من نزهات وأسفار ومتعة وتسلية.
الحب صفة موجودة لدينا بالفطرة لذلك يعتبر تبادله بين الزوجين الوسيلة الأنجح لاستمرار الحياة الزوجية السعيدة، لأنها منبع الحنان كله وبفضلها يشعر الزوج بالأمان، ووجود لغة الحوار بين الزوجين ضروري جداً باعتبارها دليلاً للتواصل الفكري والروحي، وعلى كل طرف احترام الآخر وضرورة الاستماع إلى وجهات نظرة، والزوجان اللذان يفتقدان لغة الحوار هما في الحقيقة غريبان ويجهلان بعضهما البعض. إن الزوج ييأس من الزوجة التي لا تصغي إليه ولا تتفاعل مع ما يطرحه من أفكار، لأنه يشعر ببرودها وجمودها في التعامل معه. وهنا يلجأ إلى الصمت استسلاماً للمشكلة، وهذا من أخطر الطرق المؤدية إلى انهيار الزواج، لذلك فالمبادرات إلى فتح الحوار من الأمور الضرورية التي يجب أن تتوافر بين الزوجين لأنها تساعدهما في تغيير المواقف السلبية وتجنبهما الوقوع في تناقضات واختلافات كثيرة، وتقربهما من بعضهما البعض.
وجود الثقة بين الزوجين من الضروريات التي تتطلبها الحياة الزوجية، لأنها تساهم في التخفيف من حدة المشاكل بينهما، وتكملها الصراحة الزوجية التي تكمن في طرح الأسباب لاتي ترتب عنها المشكلة الأساسية لخلافهما، وذلك لاعتمادها على الصدق والبوح بالأمور السلبية التي يكرها كل طرف منهما في الآخر. هناك اعتقاد خاطئ يسود مجتمع الأزواج وهو البوح بماضيهم إلى بعضهم البعض، لكن هذا غير ضروري لأن الزواج معناه الانفصال عن الماضي، فالعديد من الأزواج يظنون أن الحديث عن مغامرات الماضي وفضح أسرارهم مجرد تسلية وتمضيه وقت لكنهم في الحقيقة يجهلون مدى خطورتها حيث تزرع الشكوك لدى الشركاء، وخاصة فيما يتعلق بالحديث عن العلاقات العاطفية السابقة، وهذا النوع من الأحاديث يزيد من حدة المشاكل ويمكن لأي الشريكين استخدامها كسلاح ضد الآخر مع بروز أول خلاف بينهما، ومن الأفضل أن يتحدثا عن مغامراتهما الطفولية التي لاتخرج عن نطاق العائلة، لأنها تساهم وبدرجة كبيرة في تعزيز الثقة بينهما.
المشاركة في تقاسم مسؤليات العائلة بين الزوجين من الأمور التي تساعد في استمرار نجاحها، فلا عيب أن يشارك الزوج في الاهتمام بشؤون البيت مثل الغسل والطبخ وتربية الأطفال مثلاً، والأمر ذاته بالنسبة للزوجة التي عليها رعاية زوجها كثيراً في الاهتمام بصحته وبشكله، ولا مانع أيضا من أن تشاركه هموم وأعباء العائلة من مصاريف الطعام وتدريس الأطفال، وغير ذلك، من خلال عملها خارج المنزل واللجوء إلى تسوق حاجيات البيت دون الاتكال على الزوج، ولا تقتصر مشاركة الزوجين في الأعباء والمصاريف المنزلية فحسب، بل في جميع المناسبات في الفرح والحزن، لأنهما يقويان رابط الألفة والمحبة بينهما. وفي الأخير المشاركة في هذه الأمور تخدم جانباً مهماً في المجتمع وهو المساواة بين الرجل والمرأة، لأنهما يحصلان من خلالهما على نفس الحقوق.
إن وضع الزوجين خطوطاً حمراء لبعض الأمور شيء ضروري في حياتهما، فلا يجوز أن يتجاوز أي منهما طرف الآخر أو يقلل من احترامه أو مكانته، ويجب ترك مسافة مقدسة بينهما لايمكن لأي شخص أن يطالها، والاحترام من الصفات المطلوبة بين الزوجين في محيط العائلة، لأنه بمجرد فقدانه تفقد روح المحبة، وتنتشر العدوى بين أفراد الأسرة وخاصة الأبناء، وهذا ما يجعل البيئة الأسرية فاسدة. والاحترام مطلوب كذلك خاصة خلال نقاش الزوجين، حيث على كل طرف منهما احترام الآخر وعن طريق الاستماع إلى رأيه ولو كان معارضاً له، وتقديره من خلال مراعاة حالته النفسية، وخاصة فيما يتعلق بالمرأة التي تعتبر كائناً حساساً بالفطرة فهي بحاجة ماسة إلى احترام زوجها لها لآنه يزيدها ثقة بالنفس ويعزز من شخصيتها ومكانتها بين أفراد العائلة.
يرى بعض الأزواج من الجيل الجديد أن وجود طفل غير ضروري في حياتهم، ويعتبرونه أحد أبرز الأسباب المؤدية إلى الخلافات الزوجية، وهذا ما يجعل الأطفال يدفعون ثمن أخطاء آبائهم، مع أنهم هم القاعدة الأساسية لبناء الأسرة والمجتمع، وسعادتهم جزء لا يتجزأ من سعادة الآباء، لذا على الآباء الاهتمام بهم ورعايتهم وتلبية حاجياتهم ومتطلباتهم، وخاصة عدم الشجار أمامهم لأن ذلك يترك في نفسيتهم جرحاً عميقا يكبر معهم، ويؤدي بهم إلى الانحراف والانحلال.
العامل العاطفي يلعب دوراً مهماً ورئيسياً في استمرار العلاقة الزوجية، والتفكير بأنه مجرد وسيلة للإنجاب من الأمور التي تزيد من تدهور العلاقة، فهو قبل أن يكون وسيلة للإنجاب هو رغبة مولودة من الحب، وفقدانها يدفن كل شعور جميل يكنه الواحد منهما للآخر، فهو مقياس لحجم حبهما وعلى الزوجة مراعاة هذا الأمر كثيراً لأنه من الأولويات التي يهتم بها الرجل في زوجته، وإن لم يحصل على ذلك فطريق الخيانة مفتوح أمامه، لكن من جهة أخرى ممارسة الحب بطريقة خالية من المشاعر والأحاسيس تخرب العلاقة بين الزوجين وتسبب في نفور أحدهما من الآخر، وهذا ما طرحه الكاتب سيرج شومييه في كتابه “نظام الحب” حيث يشير فيه إلى الطرق الصحيحة لاستمرار الحياة الزوجية، وكانت نصيحته الأخيرة الابتعاد عن الملل الزوجي الناتج عن الروتين، والتفكير في أشياء جميله مثل الخروج في نزهة مرة في الأسبوع والحديث في أمور مستقبلهما ومستقبل أبنائهما.
انضمي إلينا اليوم وكوني جزءًا من مجتمعنا المتنوع! سجّلي الآن وأنشئي ملفك الشخصي للاستمتاع بفوائد عديدة وتجارب فريدة داخل موقعنا.