طلعة العروس من منزل والدها

إعداد: بسمة قموه

سلسلة من التناقضات في المشاعر تنتاب أهل العروس في يوم زفاف ابنتهم، فهذه اللحظة التي تنتظرها الأم والأب لكي يضعا البصمات الأخيرة على مشوار هذه الشابة التي فرحوا بها في مولدها. واعتنوا بها وهي تكبر يوماً فيوماً إلى أن أصبحت بسنّ الزواج، ولكن جاء اليوم الذي سيسلم الأب هذه الفتاة ليد رجل يحبها ويعتني بها. وتصبح جزءاً رئيسياً من بيته، وتترك هذا العشّ الذي تربت به واحتضنها لسنين هذا عددها.

ماذا عن الدموع؟ هل هي دموع الفرح فعلاً؟ أم دموع الخوف من المجهول، ودموع الانفصال الأشدّ ألماً عند ترك أحضان الأبوين؟

لا بدّ لنا من الاعتراف أن هذه الدموع تحتوي القليل من دموع الخسارة بالنسبة للوالدين، والشعور بالفقدان والضيق، فمن الصعب جداً أن تنظر الأم والأب إلى سرير فارغ في المنزل كانت تستلقي عليه ابنتهم المحبوبة في دلال. وتطلب من أمها أن تعدّ لها الطعام وأن تحضر لها ملابسها، ثم فجأة يجد الأهل أنّ هذا المكان فارغ ولا حراك به.

إنّ انشغال العروس بالأمور الجديدة اليومية التي تواجهها في بداية زواجها، من رحلة شهر العسل إلى ترتيب وتنظيم منزلها الجديد واستقبال المهنئين وانشغالها بعريسها- قد ينسيها لوعة الفراق والابتعاد عن المنزل. ولكنّ المطلوب منها هنا أن تعير انتباهاً خاصاً لوالديها وخصوصاً في الأسابيع الأولى من تركها للمنزل. حيث يجب أن تدرك الفراغ الذي خلّفته وراءها، وحجم الألم الذي يمرّ به والداها -وخصوصاً والدتها- ومن الأمور التي قد تخفف عليهما فراقها.

وعليها مراعاتها:

إنّ دموع الأهل لها تفسيرها، وهي مباحة في كل المجتمعات، ولا تدلّ على عدم رضى. بل هي أسوار من المحبة التي يحيط بها الوالدان أولادهما منذ الولادة، إلى أن يأتي الوقت الذي يتركوا به المنزل. كما أن تفكير الأب والأم في تلك اللحظات يكون منصبّاً على خروج البنت من إطار مسؤوليّتهما لتعتمد على زوجها. الذي يخشيا ألا يكون أهلاً بها، لذلك لا يستطيع أهل الفتاة الثبات في المشاعر سواء كانت الفرح أو الحزن. فنراهما متقلّبَين في فرح الزفاف وحزن الفراق، وما أجمل دموعهما؟