النسخة الأصلية

إعداد: جاكلين عاطف 

إن تساءلت قائلة: كيف أترك بصمة، فعليكِ أن تكتشفي نقاط القوة والقدرات التي تملكينها والتي لستِ مدركة وجودها. مثل هذه الأفكار تتحدّاني بشكل كبير وتذكّرني بأحد الأفلام الوثائقية التي تروي قصّة حياة ليزي فلاسكيز، فتاة أمريكية لُقبت بـ”أقبح امرأة في العالم.” 

صرّحت ليزي أن معاناتها بدأت منذ ولادتها بمتلازمة (بروجيرويد)، وهو اضطراب وراثي نادر يؤثر على الشكل الخارجي، ويمنع الجسم من اكتساب الوزن. هذا المرض جعلها تعاني منذ نعومة أظافرها، إلى أن استيقظت في أحد الأيام على كمّ هائل من التعليقات المؤلمة والسخرية الإلكترونية على فيديو تم تصويره لها دون علمها وهي تضحك، والذي فيه لقبّوها بالوحش القبيح. كان من المفترض أن تسير قصة ليزي في اتجاه آخر من الحزن والانسحاب، بل ربما الانتحار، لكن بطلة هذه القصة استطاعت أن تخلق انتصاراً من رحم المعاناة وإمكانية التأثير في الآخرين.

لم يكن الأمر سهلاً، ولكن النتيجة تستحق أن نلقي الضوء على تلك التجربة في ضوء فهم أعمق لتحليل قامت بإجرائه مارلين فرجسون بأن: “ليس بمقدار أي شخص إقناع شخص آخر بالتغيير؛ لأن كلّ واحد منا يحرس بوابة تفتح من الداخل فقط”. لذلك عليكِ الانتباه لبصمتك الخاصة، وعليك بتفعيل الباركود المتفرّد بك وحدك.

فما عليكِ إلا أن تتوقّفي وتنتبهي قليلًا  للأصوات الخافتة والإشارات الباهتة لمحرّكك الداخلي، رغم الضباب الكثيف الذي قد يعيق الرؤية الحالية. أعيدي ضبط بوصلتك الداخلية لاكتشاف بطلة قصتك الحقيقية

من خلال اتّباع الخطوات التالية: 

  1. الطفل الداخلي: 

يشجّع الكثير من علماء النفس على ضرورة تعزيز التواصل مع طفلنا الداخلي. الجانب الإيجابي في تلك التوجّه هو العودة لإيجاد الفرح في التفاصيل الصغيرة والأشياء اليومية البسيطة، واستخدامها كمحفّز يدفع القائد الأصيل داخلك لاستكمال مسيرته في القيادة الفعالة. تلك المسيرة المعزّزة بقدر من شحن الطاقة الضروري للتقدّم نحو الهدف، مع الاستمتاع المرجو لضمان الاستمرارية وشغف البدايات. أفكارك أول انتصاراتك.

  1. الزرع والحصاد:

تذكّري أن البذور التي تزرعينها داخلك اليوم ستشكّل ثمار غدك. لا تنشغلي كثيرًا بما أنتِ عليه الآن. يمكنك تحقيق نتائج مذهلة إذا انتبهت لجذورك، كما قال أحدهم: “من بين ألف ورقة نقتلعها توجد واحدة مميزة بالقرب من الجذور”. استمرارية تنقية أعماقك، والفلترة المستمرة لرؤيتك الذاتية، وإدراك قيمك وأهدافك ستؤصّل جذورك في نبع ارتواء يضمن تميّز إنتاجك المستقبلي على كافة المستويات الشخصية والعملية والاجتماعية. تصوّراتك تدفع تطورك.

  1.  من الداخل إلى الخارج: 

قال أحدهم: “إن ما يوجد أمامنا، وما يوجد وراءنا هي أمور صغيرة مقارنة بما يوجد داخلنا.” 

داخل كل شخص منا كنز خاص لا يستطيع اكتشافه إلا هو. يمكنك ترك بصمة إذا أعطيتِ الأولوية لاكتشاف ذاتك وتطوير نفسك ليصبح هذا التغيير جوهريًا، وليس مجرد قشرة خارجية مصطنعة تنهار عند هبوب رياح تجارب الحياة. أولوياتك تقلّص سهواتك.

  1. خطوة الألف ميل: 

في حياة الإنسان يوجد خطوات متتابعة ومتتالية، فالطفل يتعلّم كيف يجلس ثم يحبو ثم يمشي ثم يجري. كل مرحلة تأخذ وقتاً، ولا يمكن اختزال التطوّر في خطوة واحدة. النمو هو حقيقة في حياتنا، ولكن لها تكلفة. قد نلجأ في بعض الأوقات إلى طرق مختصرة بهدف توفير الوقت والجهد، للوصول إلى الثمار المرجوة. هذا إنما يقودنا إلى أن نتمخض من خيبة الأمل والإحباط والتقوقع المرضي لذواتنا. يبدأ مشوار الألف ميل عند إقتناعك أن الأمل والألم وجهان لعملة واحدة. كلماتك وقود قراراتك.

  1. ثبات العادات: 

يمكننا أن ننظر إلى السعادة على أنها ثمرة الرغبة في الوصول رغم العوائق الحالية، وتحدّي القدرة على التضحية بمفهوم “عصفور اليد المؤقت” للخروج إلى العالم الخارجي والتخلّي عن مخبأ الراحة الوهمي. هذا من خلال تبني عادات جديدة نتيجة التقاء المعرفة والمهارة والرغبة بتبني نظرة جديدة لنفسك، فتتمكّني من استعادة ما فقدتيه. ثوراتك أعظم ثرواتك.

أول إخفاقاتك أن تعيشي طبقًا لنصوص كتبها آخرون لك أو عنك. اعلمي أن كتابة السيناريو الخاص بحياتك هو مسؤوليتك أنتِ وحدك. ابحثي في خريطتك الخاصة فهذا سيكون مرجعية جديدة لك يعيد توجّهك، فتنالين شرف المحاولة، وتتجّهين نحو الإبداع بحرية. 

تذكّري أن امتلاك بصمة خاصة بك ستقودك نحو ضرورة مشاركة الآخرين بما عندك لتحفيزهم للتخلّص من أطر الصور المكرّرة، والتمتّع بالنسخة الأصلية. 

هناك مقولة تقول: “اقرأ كأنك الشخص الوحيد الذي كُتب له الكتاب، واكتب كأن العالم كله سيقرأ لك.” أشجّعك أن تتخيّلي  أن قصّة حياتك هي كالكتاب، ضعي له عنواناً مناسب آخذة في الاعتبار مواسم الحصاد في حياتك.