إعداد: لما عطالله
خلال السنوات الأولى من زواجي، كنا نعمل أنا وزوجي بوظائف بدوام كامل، كنا نخرج من الساعة الثامنة صباحًا ونلتقي في المنزل الساعة الرابعة، وبعد ذلك كنا نذهب معًا إلى الكنيسة تقريبًا أربع مرات في الأسبوع. كنت أخدم في ذلك الوقت في اجتماع الجامعيين والعاملين وكانت خدمتي بالأخص في مشورة البنات. بعد مرور فترة من الزمن، اكتشفت شيئًا مفاجئًا. كانت الفتيات يلتقين معي قبل وبعد الاجتماع، يتحدثن معي عن الجامعة، والمكياج، والزواج، والحياة، الله، وعلاقتهم مع الأهل. كن يسألنني أسئلة متنوعة مثلًا: “أنا جديدة في الإيمان وأريد أن تساعديني في قراءة الكتاب المقدس”. أو “أشعر أنني لا أتفق أبدًا مع أبي وأمي، لا يمكننا أن نتحاور بشكل طبيعي ودائمًا ما ينتهي الجدل بالصراخ.” “كيف عرفتِ أنَّ زوجك هو الشخص المناسب للزواج؟” “كيف تعرفين مشيئة الله لحياتك، أنا في سنتي الأخيرة في الجامعة ولا أعلم ما سيحدث بعد ذلك؟”
على الرغم من اعتقادي أنني بحاجة إلى العثور على مرشد أكبر مني سنًّا وأكثر نضجًا ليعلِّمني كيفية توجيه الآخرين، إلا أنني بدأت أدرك أنني كنت أفعل ذلك دون قصد. هؤلاء الفتيات كنَّ يتطلَّعن إلي للحصول على مشورة حكيمة أو مجرد نصيحة بسيطة. لم أفكر مطلَقًا في نفسي على أنني شخص “مؤثر” ، لكن بدا ذلك وكأنه يحصل بشكل طبيعي وتلقائي وأدّى إلى بناء علاقات قوية مع هؤلاء الفتيات. كنت في وضع يسمح لي بالتأثير، سواء شعرت بأنني جاهزة أم لا.
كل منا لديها القدرة على التأثير
في يوم من الأيام كنت أقرأ في الكتاب المقدس، وصدمني طرح الرسول بولس في رسالته إلى كورنثوس: “كونوا متمثلين بي كما أنا أيضًا بالمسيح.” (1 كو 1:11). بدا لي أنه متعجرف قليلًا: كيف يمكنه أن يطلب من الناس أن يتمثلوا به وهو إنسان خاطئ مثلنا؟ لكن بعد أن درست حياة بولس، بدأت برؤية هذه العبارة من منظور مختلف. لقد غيَّر الله حياة بولس تغييرًا جذريًّا فهو أصبح ملاصقًا للمسيح وأصبح يسير بمثاله وكان يسوع القائد له، فتجرأ بولس وقال تمثلّوا بي قاصدًا تمثلّوا بذاك تمثّلوا بالمسيح.
أعرف أنكِ غير كاملة، ولكن هل لديكِ ثقة بولس؟ نريد أن نُحدث تأثيرًا ولكننا نُدرك تمامًا إخفاقاتنا لدرجة أننا أحيانًا لا نريد أن يقترب الآخرون منا. أفضل طريقة لنتعلَّم كيف نؤثر هي أن نأخذ يسوع كمثال في خدمة الآخرين. هناك مبادئ أساسية نتعلَّمها من خلال دراسة حياة يسوع تُعلِّمنا كيف نكون مصدر تأثير في حياة الآخرين.
مبادئ تغيِّر الحياة
- مبدأ الوقت الخاص مع الله
يذكِّرنا يسوع أنَّ مفتاح القوة الروحية هو قضاء الوقت مع الله.
“وبعدما صرف الجموع صعد إلى الجبل منفردًا ليصلي. ولما صار المساء كان هناك وحده.” (متى 14: 23).
كما تحدث التلاميذ بوضوح وبصوت عالٍ مع يسوع وشاركوه مخاوفهم واحتياجاتهم، كذلك يمكننا نحن. أن نرفع قلوبنا وأفكارنا بالصلاة إلى الله وأن نقضي وقت معه يعني أن نستمد قوتنا من المصدر لنستمر في رحلة حياتنا.
- مبدأ التكلم خلال المشي walk and talk
قام يسوع بتعليم التلاميذ في بيئة طبيعية لم تكن على هيئة محاضرة أو عظة، غالبًا ما علَّم الحق من خلال مبدأ المشي والكلام.
في يوحنا الأصحاح التاسع، كان يسوع وتلاميذه يمشون ورأوا رجلًا أعمى منذ الولادة. عندما سأل التلاميذ عما إذا كانت خطية هذا الرجل أو والدَيه هي التي تسببت بالعمى، اغتنم يسوع فرصة للتعليم، قال: “أنت تسأل السؤال الخطأ. أنت تبحث عن شخص لتلومه. ابحث بدلًا من ذلك عما يمكن أن يفعله الله!” ثم شفى يسوع عمى الرجل وقال له أن يغتسل في بركة سلوام.
لم ينتظر يسوع مكانًا ليعلم الحق لأتباعه، لقد استخدم الأحداث اليومية ليصنع تأثيرً غير مخطَّط له إذ كان حساسًا للروح القدس الذي كان يقود أقواله وأفعاله. وبنفس الطريقة غير الرسمية، يمكننا تعليم وتشجيع الآخرين في أي وقت في حياتنا.
- مبدأ طرح الأسئلة
كان يسوع يمتلك القدرة على طرح الأسئلة في الوقت المناسب. كانت أسئلته بسيطة ومباشرة ومثيرة للاهتمام.
في أحد الأيام جاء يسوع إلى أريحا. جلس رجل أعمى بجانب الطريق، سمع صوت الجموع وسأل عما يحدث. عندما قيل له أن يسوع مارٌّ في المكان، صرخ: «يا يسوع ابن داود، ارحمني!».” (لو 18: 38). قال الناس للرجل أن يصمت، لكنه كان مُصِرًّا ولم يتوقف. توقف يسوع وسأل الرجل: “ماذا تريد أن أفعل بك؟” (عدد 41)
قال ليسوع إنه يريد أن يُبصر، “فقال له يسوع: «أبصر. إيمانك قد شفاك». (عدد 42)
كان يسوع يعرف احتياج الرجل لكنه أعطاه فرصة للتعبير عما يريد. سؤال واحد قد يأخذكِ خطوة نحو التأثير.
- مبدأ التعاطف
أعطانا يسوع مثالًا عن التعاطف عندما سأله ناموسي: «مَن هو قريبي؟» وأعطاه مثل إنسان وقع بين لصوص، فعروه وجرحوه، ومضوا وتركوه بين حي وميت. في البداية، جاز عنه كاهن ولاوي ولم يفعلا شيئًا. ثم جاء سامريٌّ إليه ولما رآه تحنَّن، فتقدم وضمد جراحاته وأتى به إلى فندق واعتنى به. ما فعله السامري هو مثال للتعاطف.
التعاطف الحقيقي يؤثر بقوة على من يتلقّونه ويعطونه ويرونه. إنَّ التعاطف هو القدرة على الاستيعاب والفهم والتجاوب والتفاعل مع الآخرين. هو قراءة وتفهم مشاعر الآخرين. أظهر يسوع مثالًا لتعاطفه مع الأطفال، النساء، المرضى، الخطاة، جباة الضرائب، المرفوضين.
- مبدأ الحب غير المشروط
قدّم يسوع حبًّا لم يعرفه التاريخ من قبل. في يوحنا أصحاح 8، أحضر الفريسيون إليه امرأة أمسكت وهي تزني، قالوا له: «يا معلم، هذه المرأة أمسكت وهي تزني في ذات الفعل، وموسى في الناموس أوصانا أنَّ مثل هذه تُرجَم. فماذا تقول أنت؟» (يو 8: 4-5).
توقف يسوع ثم قال: «من كان منكم بلا خطية فليرمها أوَّلًا بحجر!» (عدد 7). بعد سماع كلامه، ابتعد الرجال وتركوه وحده مع المرأة. سأل يسوع المرأة إذا كان أي شخص قد أدانها. أجابت: «لا أحد، يا سيد!». فقال لها يسوع: «ولا أنا أدينك. اذهبي ولا تخطئي أيضًا»” (عدد 11).
المحبة التي يحبنا بها يسوع هي محبة نقية غير مشروطة. الله يحبنا رغم خطيتنا وفشلنا، وهذه هي دعوة الله لنا أن نحب بعضنا البعض بهذا النوع من المحبة، وأعتقد أن هذا أعظم أنواع التأثير.
هل ستبدئين هذه المغامرة؟
إذا أردنا رؤية التأثير في حياة الآخرين كما فعل يسوع، يجب أن ننظر إلى الناس كما ينظر يسوع إليهم. يرانا يسوع بأننا محبوبون، وبأننا أصحاب إمكانات كبيرة ولدينا المواهب الروحية. التأثير يعني أن نمنح الناس فرصًا للنمو، ثم نشجعهم ونساعدهم إذا فشلوا. تذكَّري إنَّ إحداث تأثير لا علاقة له بالآخرين، بل هو مرتبط بمدى قربك والتصاقك بيسوع كبولس تمامًا.
أن تصبحي امرأة ذات تأثير هو أمر مكلف ومليء بالتحديات ويتطلب الكثير من الوقت، ولكن لا يمكن أن يكون هناك فرح أعظم من معرفة أنك بدأتِ بالتأثير على الآخرين وبدأتِ تكونين جزءًا من خطة الله والدعوة المقدّمة لك في تشكيل القلوب لتصبح على صورة يسوع المسيح.