من الرفض إلى الخلاص

“أما قرأتم قط في الكتب.  الحجر الذي رفضه البناؤون هو قد صار رأس الزاوية؟” (متى 21: 42)

في الثقافة العربية، حيث يحمل الشرف وقبول المجتمع وزنًا كبيرًا، قد يشعر الرفض كجرح عميق. قد يأتي من الأسرة، الأصدقاء، أو المجتمع. عندما يتم التقليل من قدراتنا أو تُهمل أحلامنا، نشعر بأننا بلا قيمة، مخجلون، وغير متأكدين من مكاننا في هذا العالم.

كم مرة نسمح للرفض بأن يشكل هويتنا؟ ينسل الشك تدريجيًا إلى قلوبنا، مشللاً خطواتنا. قد ننسحب إلى الداخل، نحمل مرارة أو كبراً، مقنعين أنفسنا بأن الذين رفضونا لا يستحقون مواهبنا. لكن هذا الرد يبعدنا عن دعوتنا الحقيقية و يعمينا عن رؤية قصد الله الأسمى.

قصة الحجر المرفوض تذكرنا بحقيقة عميقة: طرق الله ليست كطرق العالم. الحجر الذي اعتبره البناؤون عديم القيمة صار حجر الزاوية—أهم جزء في البناء. وبالمثل، حين يتجاهلنا الآخرون أو يرفضوننا، يرى الله فينا قيمة عظيمة وقصدًا ساميًا. لا يقيسنا بمعايير العالم، بل بخطته الإلهية لحياتنا.

نرى في الكتاب المقدس كيف يختار الله المرفوضين ليحققوا مقاصده. موسى، الرجل الذي كان يعتريه التلعثم، اختاره الله ليقود بني إسرائيل. داود، الأصغر والأقل توقعًا بين إخوته، أصبح ملكًا حسب قلب الله. ويسوع ذاته، المهان والمرفوض، صار مخلص العالم.

في واقعنا، تخيل أولئك المهمشين أو غير مقدرين—اللاجئ الذي يكافح لإعادة بناء حياته، الأرملة التي تهمشها مجتمعها، الشاب الحالم الكبير ولكن بلا دعم. الله لا ينسى أحدًا منهم، ولا ينبغي لنا أن ننسى. مثل حجر الزاوية، يمكن لقدرتهم أن تثبت وتبني شيئًا عظيمًا حين توضع بأيدي الله.

عندما يأتي الرفض، لا ندعه يعرفنا بل ندعه يصقلنا، يقربنا من الواحد الذي لا يرفض أبدًا. به تتحول ضعفنا إلى قوة، فشلنا إلى شهادة، وألمنا إلى غرض.

صلاة:

في لحظات الرفض والشك في قيمتنا، ذكرنا بأنك ترى قيمتنا الحقيقية. ساعدنا أن نجد هويتنا فيك، لا في آراء الآخرين الزائلة. حول ألمنا إلى غرض، ونضالاتنا إلى شهادات. اجعلنا حجارة زاوية في عملك لمجدك وبناء ملكوتك. آمين.