حاجتك لتطوير الثقة بالنفس
باب: اين أنا غداً
الكاتبة: أزهار بقاعين
التاريخ: نوفمبر 15, 2023
حاجتك لتطوير الثقة بالنفس: هل تخافين معظم الأحيان من مواجهة الآخرين أو حتى لقائهم والتحدّث معهم؟
هل تنشغلين دائمًا في معرفة رأي الناس وردّة أفعالهم تجاه تصرّفك أو كلامك؟
هل تشعرين أنك دائمًا غير قادرة على إتمام أي مشروع أو برنامج؟ ويمكنك أن تلغي أي خطة كنت على وشك إتمام تنفيذها؟
هل هناك دائمًا حوار يدور في ذهنك يسبّب لكِ تشويشاً، ويزيد كمية التوقّعات السلبية تجاه أدائك؟
إذا كانت معظم إجاباتك نعم على هذه الأسئلة… فهنا نقدر أن نقول إنك بحاجة لتطوير ثقتك بنفسك لمستوى أعلى قليلاً.
ولكي تتغيّر إجاباتك للنفي… نشجّعك أن تمشي معنا رحلة تطوير الثقة بالنفس التي تحتاجينها بقوة في هذه الحياة.
أولاً… هل عندك مفهوم واضح عن الثقة بالنفس؟
قبل أن نتحدّث عن تطوير الثقة بالنفس نحتاج أولاً أن نفهم ما هو التعريف الأنسب للثقة بالنفس:
في القاموس، تعريف الثقة بالنفس هو “ثقة الإنسان في قدراته، وفي صفاته وفي تقييمه للأمور”، وفي علم النفس، يعرّف الإنسان الواثق من نفسه بأنه شخص يحترم ذاته ويقدّرها، ويحبّ نفسه ولا يؤذيها. ويدرك كفاءاته، ويثق بقدرته على اتخاذ القرارات الصحيحة.
إذن الثقة بالنفس هي أمر صحّي يعود بالنفع على نفسك وجسدك وأدائك، وبالتالي على من حولك. ليعطيك القوة المناسبة والجُرأة على عمل أمور لن تقومي بها إلا إذا كان عندك هذا المستوى الأعلى من الثقة بالنفس، لكن ليس المستوى المطلَق الذي يسمّى “الكبرياء”.
إذن… ما الفرق بين الثقة بالنفس والكبرياء؟
تذكّري أن الفرق دائمًا بين الثقة بالنفس والكبرياء هو بين حدود الثقة المطلقة والثقة الحقيقية. عندما تملكين الثقة بالنفس فأنت مدركة لقدراتك وإيجابياتك ومهاراتك، لكنك واعية أيضًا لضعفاتك وسلبياتك ومحدودياتك وعدم امتلاكك قدرات أو مواهب معينة يملكها الآخرون من حولك، لأنك ببساطة لست “المرأة الخارقة”. لكن الكبرياء يجعلك تنطلقين مسافة أبعد بكثير عن حدود الثقة بالنفس وحتى الحقيقية. ليجعلك مدرِكة أنك امرأة خارقة ليس عندك ضعفات أو سلبيات أو محدوديات، غير مدركة أنها حدود مرضية ولن تجدي نفعًا، لكن ستعود بالضرر عليك، وعلى من حولك أيضاً.
لذلك سنبدأ رحلة تطوير الثقة بالنفس بحدود بعيداً عن حدود الكبرياء، فهل أنت مستعدة لهذه الرحلة؟
مفاهيم ثابتة في رحلة تطوير الثقة بالنفس:
قبل أن نسير هذه الرحلة معًا، يجب أن تدركي أنك بحاجة لمعرفة وفهم وأحياناً تذكير مُستمر لمفاهيم ثابتة تغيب عن ذهنك بكثير من الأحيان، وتُفقِدك احتياجك لتطوير الثقة بالنفس. والتي بدورها ستساعدك لخوض هذه الرحلة بوعي أكثر، إنها بمثابة دليل يحوي خمسة مفاهيم تنطبق على الجنس البشري في كل مكان وهي: مفهوم الكينونة، مفهوم التكامل، مفهوم التجاوب، مفهوم الاحتياج، مفهوم المحدودية.
1- مفهوم الكينونة
أن تدركي ببساطة أنك كائن بشري مخلوق بقدرات ومواهب تميّزك عن غيرك، فلديك مواهب موروثة ومكتسبة، ولديك قدرات تنمو وتتطوّر وتتغيّر، ولديك قدرة العقل البشري الذي يستطيع أن يفهم، ويتعلّم، ويكتسب مهارات تؤهّلك لتعملي وتصنعين قرارات وأحيانًا تخترعين، وهذا هو سبّب تطوّر الكرة الأرضية والعلم والاختراعات. إذن كينونتك هذه كفيلة أن تعزّز ثقتك بنفسك.
2– مفهوم التكامل
أن تدركي أنك برغم تميّزك ككائن بشري لديك قدرات ومواهب تميّزه عن غيرك، لكنك تحتاجين غيرك بميّزاته وقدراته ليتكامل العمل المطلوب أو حتى لعلاقة متوازنة. لم ولن يوجد شخص وحده يملك كل المهارات والقدرات البشرية، نعم البعض يملكون مهارات وقدرات أكثر من غيرهم، لكن لن يملكوا جميعها أو حتى أغلبها. لذلك نحن مختلفون ومتنوّعون ومكمّلون لبعضنا البعض، والدليل أن أي مكان أو مؤسسة يحتاج لجميع المجالات والمهارات، ولن تستطيع أن تسير وتتقدّم بوجود شخص ومهارة ومجال واحد فقط، فالذي تتميّزين به أنت، لا يتميّز به البعض، والعكس صحيح. فمن غير المنطق أن تقارني نفسك بالآخرين؛ لأنه لن تكون مقارنة سوية، إذن نتفق هنا أنه لا يوجد شخص كامل.
3- مفهوم التجاوب
أن تدركي أن اختلافك وتميّزك بمواهب وقدرات خاصة، يعطيك أيضًا اختلافاً بتجاوبك مع الأحداث والظروف من حولك، رفضك وتقبّلك ومدى مستوى المرونة في التحمّل ومواجهة الأزمات مختلف عن تحمّل الآخرين للظروف. رؤيتك للأحداث من حولك ومنظورك للحياة لن يكون مشابهاً لما يراه الآخرون ويقيّمونه، حتى لو كنت تعيشين معهم نفس الظروف. ولن ننسى الماضي الذي نصنعه الذي يلعب دوراً مهماً في تجاوبنا، قد يكون لديك ماضي سيؤثر على حياتك، والبعض لديه ماضٍ رائع يثري حياته. لذلك لن يكون حكم الآخرين عليك عادلاً من تجاوبك المتغيّر للأمور.
4- مفهوم الاحتياج
أن تدركي أنك بالرغم من أنك مخلوقة باحتياجات نفسية وجسدية بحسب هرم الاحتياجات عند العالِم ماسلو، والتي يشمل تطبيقها على جميع البشر أيضاً، لكنك تختلفين بكم طلبك لهذه الاحتياجات أو حاجتك لها بكثرة أو بقلّة. البعض يحتاج للتقدير بكثرة لكي ينجز ويكمل المسير. لكن البعض يحتاج المساندة أو الشعور بالأمان لكي ينجز نفس المهام، وأحيانًا تختلف احتياجاتك بحسب فئتك العمرية ومراحلك الزمنية أيضًا. أنت مصمّمة بهذه الاحتياجات، لكنك مختلفة بطلب حاجتك لها والآخر أيضاً. ويمكن أن لا يعرف الآخرون مدى احتياجك الحالي، فيؤثر على نظرتك وثقتك بنفسك.
5- مفهوم المحدودية
أن تدركي أنك محدودة، بالرغم أنك تملكين جسدًا يعمل بطريقة عجيبة، ومهارات تتطوّر وتُنتج، أنت ككائن بشري يتعب ويخور، ومعرّضة للمرض والموت، لن تستطيعي أحيانًا أن تكملي يوماً واحداً بالعمل أو حتى الراحة بدون حاجة جسدك للطعام والشراب والنوم. وينطبق هذا على نفسك التي تحتاج أحيانًا نتيجة الضغط والألم أن تتعافى لكي تكمل المسير. لم ولن يوجد “الإنسان الخارق” الذي لا يملك محدودية، ويستطيع أن يعمل كل الأمور، ويملك كل القدرات كل الوقت بدون تعب. هذا ستجدينه في الأفلام الخيالية فقط، ولن تجدي شخصًا لا يملك صفات سلبية في شخصيته. أحيانًا بعدد الصفات الإيجابية التي يملكها أيضاَ، فلتأخذي نفساً عميقاً لأن هذا الأمر طبيعي عند الجميع.
تأكّدي أنه عندما تحاولين الاستعانة بهذا الدليل الذي يملك المفاهيم الخمسة بطريقة صحيحة أنت والآخر، ستكونين قادرة بشكل واثق أن تري نفسك والآخر بصورة متزنة وصحيحة. والتي بدورها ستساعدك أن تسيري برحلة تطوير الثقة بالنفس باستمرارية وثبات.
كيف أستعمل هذا الدليل في رحلة تطوير الثقة بالنفس؟
تأكّدي بالبداية أنك بحاجة لهذا الدليل لكي لا تعيشي فقط بسلام مع نفسك وتزداد ثقتك بنفسك. لكن لكي تستمتعي أيضاً في مراحل حياتك بهذا النضوج الفكري الذي يساعدك على تخطّي الخوف من الآخرين وآرائهم. أو الخوف من عدم إتمام أي مشروع تريدين إنجازه بسلام وبدون استسلام وتراجع.
استخدام هذا الدليل الفكري سيكون فقط باستبدال كل مفهوم خاطئ أو محبط أو مسيء تواجهينه في حياتك من الآخرين، أو من الميديا أو من أفكارك الشخصية المشوهة. بواحدة أو أكثر من مفاهيم الدليل لرحلة تطوير الثقة بالنفس، أنها حرب فكرية. لكنك في البداية تحتاجين امتلاك الشجاعة لمواجهة الأفكار السامة التي تدمر ثقتك بنفسك.
أمثلة تستعينين بها:
- عندما يقارن البعض نقاط الضعف عندك بنقاط القوة عند الآخرين-استبدليها بمفهوم الكينونة والتكامل.
- عندما يتهمّونك بتقصيرك المفاجئ بعد إنجاز مستمر ليشُعروك بالعجز- استبدليها بمفهوم المحدودية.
- الجميع يشعر بالأمان في هذا المكان، لكنك لا تجدين التقدير المناسب وهذا يُحبطك- استبدليها بمفهوم الاحتياج.
- الكل من حولك تقبل فكرة الفقد، لكن تجاوبك معه استغرق الوقت الكثير لكي تتقبليه – استبدليها بمفهوم التجاوب والاحتياج.
- يُشعرونك بعدم أهميتك كأم متفرّغة مقارنة أن أغلب الأمهات تقوم بدورها وتعمل خارج البيت- استبدليها بالتكامل والمحدودية والاحتياج.
استخدام دليل المفاهيم الخمسة لا يعني:
1-عدم الاستعانة بآراء الآخرين ومعرفة أفكارهم عن ما تقومين به لغاية التطور والتغيير والاستفادة من خبراتهم وأخذ ما يناسب حياتك.
2-أن التقصير وعدم الإنجاز هو محدودية، لأنه يمكن أن يكون كسلاً وعدم مسؤولية لبذل الجهد اللازم لإتمام الغاية المطلوبة.
3-أن ترفضي تطوير شخصيتك ومهاراتك والتغلب على نقاط الضعف عندك، واستخدام حجة قبول النفس المطلق لزيادة الثقة.
4-أن تضعي احتياجاتك النفسية والجسدية أولوية وحيدة لوضع مبرّرات للآخرين واعتقادك أن هذا يساعدك على زيادة ثقتك بنفسك.
5-أن استبدال المفاهيم الخاطئة بالصحيحة بأسلوب فظ وسيء مع الآخرين قد تساعدك على كسب ثقة أعلى بالنفس.
أمور عملية قد تساعدك…
اكتسبي دائمًا مهارة جديدة لتفعيل مفهوم الكينونة عندك.
ركّزي على تسديد بعض احتياجات من حولك لتفعيل مفهوم التكامل عندك.
حاولي تغيير عادة واحدة سيئة في حياتك والتغلّب عليها لتفعيل مفهوم التجاوب عندك.
ذكّري نفسك بعلاقة قوية ومساندة لك أو إنجازات قمت بها قبلاً لتشعري بتقدير للنفس وبناء على ذلك لتفعيل مفهوم الاحتياج عندك.
استمعي لخبرات وضعفات الآخرين وتعلّمي منها لتفعيل مفهوم المحدودية عندك.
مع نهاية الرحلة…
تذكّري أن أصعب شيء بالوجود هو أن لا يكون لديك مفاهيم واضحة تخصّ كينونتك وحياتك وضعفاتك ونقاط قوتك وماهية احتياجاتك. وكيف تطوّرين ردة أفعالك وتغيّرين عاداتك السيئة، والتي بدورها ستزيد وعيك وثقتك بنفسك أكثر.
وتذكّري أنت تملكين مفتاح نفسك. مهما استعنتِ بمرشدين أو حتى معالجين نفسيين أو تعلمتِ وقرأتِ الكثير عن هذه الرحلة، ولم تأخذي القرار والإرادة في كل موقف أن تطوّري الثقة بالنفس، فلن يجدي هذا نفعًا عليك.
ايضاً، تذكّري أنك لست على هذه الأرض لإبهار الآخرين أو إرضائهم. لأنك حتى لو نجحت مرة أو مرتين بهذا الأمر، فستفشلين به بالمقابل عشرات المرات. نحن هنا لنحقّق الهدف المطلوب منا وليس أهداف الآخرين، لأكون نسخة أفضل من نفسي.
واخيراً، تذكّري أن تطوير ثقتك بنفسك ليس لتتباهي بها أمام الآخرين، لكن لكي تكون أداة لتساعدك على الإنجاز والتقدّم ووسيلة تساعدك على تخطّي المشاكل والأزمات