مقهى النساء
باب: كيف أترك بصمة
الكاتبة: سلام نور عماري
التاريخ: يوليو 17, 2025
اقتصاد تصنعه الأصابع لا البنوك
في إحدى الحارات التي لا تظهر على خرائط الاستثمار، افتتحت أم أحمد مشروعها. لا دراسة جدوى، ولا تمويل منظمات. فقط ماكينة قهوة، طاولة قديمة، ونافذة تطلّ على نساء يبحثن عن شيء أعمق من العمل: يبحثن عن قيمة، عن صوت، عن نفس.
هكذا وُلد “مقهى النساء”. لا لبيع القهوة فحسب، بل لزرع بذور التمكين في أرض يبدو أنها نسيت أن المرأة تُنبت اقتصادًا من الصبر، وتُحوّل المساحة الصغيرة إلى منصة كونية للتغيير.
التمكين: ليس ما نظنه فقط
كثيرًا ما يرتبط مصطلح “التمكين الاقتصادي للمرأة” بمؤتمرات، إحصاءات، أو خطط خمسية. لكنه في الواقع، يبدأ حين تكتشف المرأة أنها ليست عالة، وليست امتدادًا لراتب الزوج أو المعيل. يبدأ حين تمسك بزمام حياتها الاقتصادية، لا لأنها مضطرة، بل لأنها جديرة.
التمكين ليس أن تحصل المرأة على وظيفة، بل أن تختار: أن تقول “لا” للعمل الذي يهدر كرامتها، وأن تقول “نعم” للمشروع الذي يشبهها. أن يكون لها الحق أن تخسر، كما للآخرين الحق أن يغامروا.
اقتصاد “الظلّ”… تقوده النساء
في كل مدينة، بل في كل شارع، توجد نساء يحرّكن عجلة الاقتصاد من دون أن يشعر بهن أحد. من تبيع الكعك من شرفة منزلها، من تدير صفحات إلكترونية لبيع الملابس، من تصمم وتحرّر وتُسوّق من هاتفها. هنّ اقتصاد الظل، الاقتصاد الحقيقي، لا ذلك الذي يُقاس بالناتج المحلي فقط، بل بما يُبقي العائلات واقفة.
إن ما تفعله هؤلاء النساء لا يظهر في تقارير التنمية، لكنه يظهر في قلوب أطفال أكلوا وشربوا وتعالجوا من تعب أمهاتهم.
“اقتصاد القلب”: نظرة جديدة للتمكين
المرأة لا تُدير عملًا كالرجل فقط. إنها تُضيف له بُعدًا آخر: بعد القلب. فهي تفكّر بالموظفة التي لا تملك ثمن المواصلات، وتُوزع الأرباح بعد أن تؤمّن الأقساط المدرسية. إنها تبني مشروعًا لا يهدف فقط للربح، بل للنجاة. ولهذا فإن النساء هنّ أفضل من يصنع اقتصادات مقاومة للأزمات، لأنهنّ يعرفن كيف يُحوّلن الضيق إلى فرصة.
الطريق إلى الغد: ليست مسألة قوانين فقط
صحيح أن تغيير القوانين مهم: حق المرأة في الملكية، المساواة في الأجور، إجازات الأمومة. لكن الأهم هو تغيير النظرة: أن تتوقف المجتمعات عن ربط وجود المرأة الاقتصادي بحاجة أو ترخيص. وأن يُعترف بدورها، لا كمساعدة، بل كشريك أصيل في بناء المستقبل.
التمكين لا يأتي فقط من الخارج – من مؤسسات ومنح – بل من الداخل: من إيمان المرأة بأنها تستحق أن تكون جزءًا من الحكاية، لا هامشًا فيها.
حين تتسلل رائحة القهوة من نافذة مقهى النساء، لا تظن أنها قهوة فقط. إنها علامة على اقتصاد يُبنى بالصبر، وعلى نساء قررن أن يقمن من على هامش الحياة، ويدخلن ساحة التغيير.
ليس بالضجيج، بل بالعمل.
ليس بالكلمات، بل بالأفعال.
وكل امرأة تبدأ مشروعًا، مهما كان صغيرًا، هي تكتب فصلًا جديدًا في قصة التمكين الاقتصادي.
انضمي إلينا اليوم وكوني جزءًا من مجتمعنا المتنوع! سجّلي الآن وأنشئي ملفك الشخصي للاستمتاع بفوائد عديدة وتجارب فريدة داخل موقعنا.