أين غضبكِ؟ لماذ تغيَّرتِ؟ عودي كما كنتِ

باب: كيف أترك بصمة

الكاتبة: الإخصائية النفسية: دينا برقان

التاريخ: يوليو 29, 2024

لنطرَح في البداية مثالَين: الأوَّل كان عن الزَّوج الَّذي لا يرغب بالاعتناء بالأطفال، لكنَّكِ بعد أن تحدَّثتِ معه قرَّرتِ أن تتصَرَّفي بنفسك لتُسَدِّدي حاجتك في التَّواصل مع الآخرين. إذًا هذا هو التَّغيير؛ فعندما تريدين الخروج لتلتقي بصديقاتك ستجدين طريقة للاعتناء بالأطفال بنفسِك. ولن تغضَبي وتبدَئي بلوم زوجك لعدم اعتنائه بالأطفال، وعدم قدرتك على الخروج. والمثال الثَّاني كان عن الفرد في العائلة الَّذي يعتمد عليكِ بالكامل لدعمه ومساندته عندما يقع في مشكلة. لكنَّكِ قرَّرتِ رسم حدودك وإخبار ذلك الفرد بها؛ فالتَّغيير هنا هو أنَّكِ ستوضِّحين لذلك الفرد أنَّكِ لن تكوني موجودة دائمًا لتُنقذيه من مشاكله. وأنَّه عليه أن يتحمَّل مسؤوليَّة حياته بنفسه، وأنَّكِ ستكونين موجودة إلى جواره بحسب قدرتك وحدودك. إذًا ماذا سيحدث الآن؟ كيف سيتقبَّل مَن حولك التَّغيير؟ كيف ستتقبَّلين أنتِ التَّغيير؟  

  • التَّغيير يسبِّب عدم الرَّاحة؛ فالتَّصرُّفات القديمة يمكن توقُّع نتائجها أمَّا التَّصرُّفات الجديدة فلا يمكن توقُّع نتائجها، فيبدأ الضَّغط من الخارج ومن الدَّاخل للعودة إلى الأسلوب القديم. 
الضَّغط من الخارج:

 في مثال الزَّوج، في البداية قد يتقبَّل الزَّوج حلولك، لكن قد يشعر بعدم الرَّاحة نتيجة التَّغيير. وليس ليفرض عليكِ أسلوبًا مُحَدَّدًا في الحياة، وأيضًا ليختبر مدى جدِّيَّتِك في تنفيذ قراراتِك. كرِّري ووضِّحي له لماذا قرَّرتِ أن تتصَرَّفي بهذه الطريقة الجديدة. لا تلوميه وتنتقدي مشاعره، بل وضِّحي له بأنَّكِ تتفهَّمينها، وأنَّك لو كنتِ مكانه لربَّما شعرتِ وتصرَّفتِ بنفس الطَّريقة. فالتَّغيير مُقلِق لكنَّه مُهِمٌّ، فقد فكَّرتِ كثيرًا وهذا هو قرارك. قد تضطَرِّين إلى أن تتناقشي أنتِ وزوجك كثيرًا وتُكَرِّري نفس الكلام حتى تُثبِتي جدِّيَّة قراراتِك. وجيِّد أن تُصَلِّي أنتِ وزوجك من أجل قرارات مشترَكة وحلول جديدة لم تُفَكِّري بها من قبل.

أمَّا في المثال الآخر، فقد يقوم فرد العائلة بلومِك عند تعرُّضه لمشكلة وأنتِ كنتِ قد التزمتِ بحدودك الَّتي وضَعتِها، ولم تُسارعي لإنقاذه كما في كلِّ مرَّة. قد يُحاول أن يختبر حدودَكِ أو يلومَكِ على النَّتائج السَّلبيَّة الَّتي تعرَّض لها؛ لأنَّكِ لم تُسارعي إلى تحمُّل المسؤوليَّة بدلًا عنه. وضِّحي له حدودَكِ مرَّة أخرى، وأنَّكِ لستِ مسؤولة عن حياته؛ فهو وحده مسؤول عن حياته ووحده عليه تحمُّل نتائج قراراته. وأنَّكِ لا تملكين كلَّ الأجوبة والحلول. أخبِريه أنَّكِ لا تتخلَّين عنه، وأنَّكِ على استعداد أن تستمعي له لكنَّكِ لا تستطيعين أن تكوني موجودة كلَّ الوقت، وإنَّما حسب قدرتك وحدودك. 

الضَّغط من الدَّاخل: 

أنتِ أيضًا قد تشعرين بعدم الرَّاحة نتيجة التَّغيير الَّذي تقومين به. عندما تقومين بخطوات التَّغيير، قد تشعرين ببعض القلق أو الكآبة، أو الحزن، وحتَّى ببعض التَّوتُّر. هذا هو الضَّغط من الدَّاخل، والسَّبب أنَّ التَّغيير أيضًا غير مريح لكِ؛ فأنتِ لا تستطيعين توقُّع النَّتائج. وقد يكون أيضًا نتيجة أسباب أخرى، فمثلًا تعوَّدتِ أن تُلقي اللَّوم على زوجِك بسبب وحدتك. لكن عندما قرَّرتِ أن تتصَرَّفي وأن تجدي حلولًا لتُشبِعي حاجتكِ وصِرتِ أنتِ وحدَكِ من تتحمَّلين المسؤوليَّة . غدا هذا تغييرًا مُخيفًا لا تستطيعين توقُّع نتائجه وقد ينعكس خوفُكِ توتُّرًا أو قلقًا. وقد يحدث هذا عندما تُقَرِّرين أن تلتزمي بحدودك ولا تتحَمَّلي مسؤوليَّة فرد آخر في العائلة. عندها أيضًا قد تشعرين بالقلق أو الكآبة، فأنتِ فعليًّا قد قرَّرتِ الانفصال عن ذلك الفرد، والانفصال مؤلم. لذلك فشعورُكِ مُبَرّرَ، وبسبب ذلك الانفصال كلُّ هذه المشاعر قد تسبِّب لكِ الضَّغط، وتشعرين أنَّكِ تريدين العودة إلى الأسلوب القديم. الآن -وقد علِمتِ سببَ هذه المشاعر- بإمكانِك التَّعامل معها والثَّبات على قراراتِك. 

قد تتراجعين في بعض الأوقات وتعودين إلى الأسلوب القديم أي الغضب. ولكنَّ ذلك لا يعني أنَّكِ فشِلتِ وأنَّكِ لا تستطيعين تطبيق قرارتك الجديدة وأسلوبك الجديد. فقط حاولي مرَّة أخرى؛ فالتَّغيير والأساليب الجديدة تحتاج إلى الممارَسَة حتَّى تُصبح جزءًا طبيعيًّا من حياتِك. 


انضمي إلينا اليوم وكوني جزءًا من مجتمعنا المتنوع! سجّلي الآن وأنشئي ملفك الشخصي للاستمتاع بفوائد عديدة وتجارب فريدة داخل موقعنا.

#الضغوطات #المرأة العربية اليوم #تحكم بالنفس #ضغوطات #غضب