لماذا تمضي السنين ومكانك قف!
باب: اين أنا غداً
الكاتبة: شيرين كرادشة
التاريخ: نوفمبر 9, 2023
7 أدوات للتغلُّب على معيقات التطوُّر والنمو
يقول المثل الصيني: لا تخف من نموّك ببطء ولكن خف من ثباتك في مكانك دون تقدُّم.
ويقول كيفن نجو: إن لم توجِد الوقت الذي فيه تحقّق الحياة التي تريدها، فسينتهي بك الأمر مجبَرًا على أن تمضي وقتك في التعامل مع حياة لا تريدها.
مثل هذه الأقوال إنما هي دعوة وتحذير لكِ، دعوة للنمو والتطوّر والتقدّم والسعي نحو حياة أفضل، وتحذير من الوقوف مكانك والدخول في حالة السبات أو الانجماد. ولكن قد تتساءلين: كيف يمكنني أن أنمو وأتطوَّر وأنا أصارع في حياة مليئة بالمسؤوليات ومشبَعة بالصراعات والتحدِّيات، كيف أنمو وما حولي يحنيني ويحبطني ويمنعني من الارتفاع؟
عزيزتي، النمو والتطوُّر هما رحلة تسيرينها في هذه الحياة، ولا يمكنك التخلّي عن النمو فبدونه تبدو الحياة بلا تأثير، وتبدين أنتِ جسدًا بلا حياة. هو أمر يحتاج إلى جهد وتدريب ووقت، ولا يأتيك مصادفة ولا يصلك بمجرد ضربة حظ!
سنقوم في هذه المقالة بالحديث عن أهمية النموّ والتطوّر، وسنعالج المعيقات التي تمنعك من النمو، وسنقدِّم لك تطبيقات عملية تمكِّنك من التقدُّم إلى الأمام في رحلة النموّ متأملين وواثقين أنه يمكنك البدء الآن في هذه الرحلة المدهشة الممتعة والتي ستقودك إلى النسخة الأفضل منك أنتِ، فأنت مميزة وفريدة ومخلوقة لهدف، لديك ما يمكن أن تقدّميه للحياة، والآخرون من حولك بانتظار بصماتك في حياتهم.
انطلقي، لا تبقي في مكانك، بل اسعي نحو الحياة التي ترغبينها!
من أين يبدأ النمو؟ هل بحافز من الداخل أم بدافع من الخارج؟
- من الصورة الذاتية:
إن الحجر الأساس أو القاعدة الأساسية التي منها يمكنكِ أن تنطلقي في رحلة النمو هو أنتِ، معرفتك لذاتك وصورتك الذاتية. من المعروف أنَّ صورتك الذاتية تأتي نتيجة لما تستنتجينه عن نفسك في حياتك، وكذلك نتيجة كلام الآخرين عنكِ. وفي كثير من الأحيان قد تتشوَّه صورتك الذاتية بسبب المقارنة أو التوقعات غير الواقعية أو الحديث السلبي مع النفس أو عدم تحقيق الاحتياجات الأساسية. فما تحتاجينه كأساس قوي ومتين للانطلاق هو صورة صحيحة واقعية وإيجابية عن نفسِك، وهذا أمر ممكن من خلال الوعي والإدراك وتبنّي القيم الصحيحة.
- الانضباط الذاتي:
لا يمكنكِ الاكتفاء بالصورة الذاتية فهي تقدِّم صورة ناقصة عن حقيقة مَن أنتِ، أنتِ كذلك بحاجة إلى معرفة وفهم عيوبكِ ونقاط ضعفك. هذا لا ليحنيَكِ ويفشِّلك، بل بهدف تقديم تدعيم نفسي لكِ. وما سيساعدك على تحقيق ذلك هو الانضباط الذاتي والذي يُبنى من خلال مهارات متنوِّعة من تحمّل المسؤولية وإدارة الوقت ومواجهة المواقف.
- من كيف أحدّد أهدافي، ومن بناء الخطط والعادات:
بعد هذا البناء المتين من الصورة الذاتية والانضباط الذاتي تأتي الجوانب العملية التي تدفعك نحو النمو، وهي تحديد أهدافك إذ من المهم أن يكون لك أهداف واضحة. وأفضل شيء هو أن تبدئي وتكون النهاية في ذهنك، فأنتِ تعيشين الحياة مرَّة واحدة ولا يجب أن تكون حياتك هذه مقبرة لفرص النجاح. لذا عليك انتهاز الفرص وتحديد أهدافك والتأكد من وجود رسالة واضحة تحرِّكك، ووضع خطة لتحقيق تلك الأهداف متأكِّدة من رغبتك وشغفك وحماسك لتلك الرحلة. فالمهم ليس النتيجة فقط ولكن العملية التي بها يتم الوصول إلى ما تسعَين إليه. وما بين الأهداف والخطط العملية تبرز العادات التي تمارسينها. وأثناء عملية بناء العادات الجيِّدة وتغيير العادات السيئة يكمن الكثير من النجاح. لذا لا بدَّ من التركيز على تطوير العادات الإيجابية ومحاربة السلبية منها.
- التغلُّب على المعوِّقات:
وبعد هذا البناء الداخلي المتين يمكن التعامل مع العوامل الخارجية، وذلك من خلال إزالة المعوِّقات. من أهم المعوقات في الوقت الحالي هو التشتت الرقمي. فلا بد أنك لاحظتِ أنه يصعب عليك التركيز في المهمات أو التفكير الصافي بسبب كل تلك التنبيهات الرقمية. هذا بالإضافة إلى ذلك الشعور الذي يتم بناؤه في داخلنا وهو السباق مع الزمن، فلا بدَّ من أنك تجدين نفسك في سرعة وتوتر مستمرَّين. ولا بدَّ أنَّ لنا شخصيًّا نصيبًا في تلك المعوِّقات، وبشكل خاص من خلال أفكارنا المشوَّهة، ومنها على سبيل المثال تقييم غير صحيح للكفاءة الشخصية أو الانحياز للمصلحة الخاصة، وغيرها.
نصائح عملية للمضي قُدمًا في رحلة النمو الشخصيّ.
- كوني مبادِرة: وهذا يعني أن تغيِّري الظروف وتتبعي الأهداف، وأن تركّزي على الحلول وليس المشاكل. وأن تتحمّلي المسؤولية ولا تستسلمي ولا تقدِّمي الأعذار أو المبرِّرات.
- كوني مميِّزة: ما بين المهمّ والأهم والأكثر أهمية. رتبي أولوياتك بصورة صحيحة؛ لا تصرفي وقتك الثمين على تطوير أمور ثانوية بينما هناك أمور أساسية أنتِ بحاجة إلى تطويرها في نفسك. فلربما قد تكون حاجتك الحالية إلى تطوير مهارات التواصل مع الأفراد في هذه المرحلة من حياتك أو العمل على تطوير جوانب معينة في شخصيتك هي الأهم. بينما تقومين بتطوير جوانب مهنية أخرى أقل أهمية مثل أخذ الكورسات متعددة غير مُهَدَّفَة. أنتِ مَن تحددين هذه الأولويات، فأحسني ترتيبها وفق جدول زمني واضح. فكري بأهدافك وإمكاناتك المتاحة بتمعُّن وأحسني الاختيار.
- ليكن شعارك في التفاوض أو الأعمال والمشاريع المشتركة “الكلُّ فائز”: إنَّ تفكيرك في مكسبك الشخصي فقط يُعتبَر أنانية وتفكير قصير الأمد. وهذا يُبعد الآخرين عنك ويقلِّل من رغبتهم في عمل شراكات معك. لكن عندما تفكِّرين أن يكون الكل رابحًا، أي أن لا تربحي أنتِ فقط إنما يربح الآخرون معكِ. فهذا يجعلهم منجذبين إليكِ وراغبين في العمل والشراكة معك؛ فهم ليسوا في منافسة فيها احتمالية الخسارة، ولكنهم معك حتمًا من الفائزين.
- كوني متفهِّمة للآخرين: وأهمّ ما يمكن تقديمه لهم هو التعاطف. فالحياة قاسية وعلينا أن نقلِّل من قساوتها على غيرنا بالتعاطف معهم.
- ليكن هدفك في العمل والمهمّات والمشاريع: نحن أفضل من أنا، ومعًا أفضل من أنا وحدي. تعاونك مع الآخرين يجلب النجاح الأكبر، ففي التعاون تسقط نظريات الحساب، ومجموع الكل أكبر من مجموع الأفراد منفردين.
- احذري دفن الفرص، بل استغلّي كل ما هو ممكن حاليًّا. فإن كنتِ في صحَّة جيدة أو حولك أشخاص أعزّاء فهذه تعتبَر فرصًا ذهبية.
- كوني في تجديد وتطوير مستمرّ: أي أبقي منشارك الذي به تنشرين الخشب حادًّا. وهذا يمكن تحقيقه من خلال معرفة الأزرار الخاصة التي تحفِّزك.
ما هي جوانب النمو والتطور الشخصي؟
نموك وتطوُّرك الشخصي يشمل جوانب عدَّة متنوعة، ومن المهم أن تفهمي هذه الجوانب، وتدركي مدى أهميتها. ليس ذلك فقط بل أنتِ بحاجة إلى تطوير خطة واضحة لتطوير كل جانب منها، واتخاذ خطوات عملية لتنفيذ هذه الخطة، والسعي إلى إزالة المعوِّقات التي تقف أمام تحقيقك هذه الأهداف. يمكن أن نقسِّم جوانب النمو والتطور الشخصي حسب الجوانب التالية:
الجانب الجسدي: وتشمل الرياضة والغذاء الصحي والنوم والاسترخاء والوزن المثالي.
أما الجانب الاجتماعي: ويشمل العلاقات مع الآخرين ومهارات التواصل.
بالنسبة للجانب الفكري: ويشمل الوعي الذاتي والثقة بالنفس والمعرفة.
الجانب العاطفي: ويشمل الذكاء الاجتماعي ومهاراته.
واخيراً الجانب الروحي: ويشمل العلاقة مع الخالق والحياة الروحية.
وهذه الجوانب تحتاج إلى الكثير من الشرح والتوضيح وبناء الخطط والأهداف، ولكنَّنا في هذه المقالة نكتفي فقط بذكرها.
ندعوكِ في النهاية إلى أن تجدي الوقت لتحيي الحياة التي تريدينها، كي لا تتعايشي مع حياة لا ترغبين بها. أنتِ بحاجة لجلسة هادئة مع نفسك فيها تفكِّرين وتتأملين. وتضعين لك أهدافًا وخططًا لكل جانب من جوانب حياتك سواء العاطفية أو الفكرية أو الاجتماعية أو الروحية أو الجسدية. كما وأنكِ بحاجة إلى أن تجدي تلك الأزرار التي بها تتحفَّزين وتنطلقين في رحلة التقدُّم والنمو. هناك الكثير منها، اكتشفيها، ففي هذا الاكتشاف مغامرة ومتعة رائعة. ولا بدَّ أن هناك معيقات تعطِّل تقدُّمكِ. ولكن اعلمي أنه يمكنك أن تبدئي الآن، ليس الوقت متأخرًا أبدًا. فأنتِ تعيشين الحياة مرة واحدة، فعيشيها وأنتِ في نمو، وليس وأنتِ تقفين مكانكِ.
المراجع
العادات السبع للناس الأكثر فعالية- ستيفن كوفي
مائة طريقة لتحفيز نفسك – ستيف تشاندلر
تغيير للأفضل- فريق أخضر
مقالة من موقع strategez