إعداد: لما عطاالله من فريق المرأة العربية اليوم
لنتخيّل معًا هذا الموقف:
كانت زينة تعمل كمصمِّمة في إحدى الشركات، كان لديها شغف كبير تجاه وظيفتها. في يوم من أيام العمل الاعتيادية، كانت زينة متشوِّقة جدًا لعرض فكرة تصميمية للفريق إذ كانت قد عملت عليها، وطوَّرتها لمدّة شهر على الأقل. خلال الاجتماع وبعد عرض الفكرة، كانت ردود أفعال الفريق تظهر- نوعًا ما- عادية، إذ لم يبدُ على أحد منهم أي نوع من الانبهار أو الإعجاب بالفكرة. وبالفعل بعد الاجتماع وصلتها رسالة طويلة مختصر محتواها أنَّ الفكرة مكرّرة، وليست غريبة ولن نستمر بالعمل بها.
ضعي نفسك مكان زينة، ماذا سيكون شعورك؟ وما الذي سيدور في عقلك؟
شاركنا هذا الموقف مع مجموعة من البنات وكانت أجوبتهنَّ مختلفة وضعناها ضمن فئتَين:
- الفئة الأولى: “أنا فاشلة”، “أنا ما بنجح بإشي”، “شغل شهر ما جاب نتيجة”، “أنا ما بعرف أصمِّم، هاي الشغلة مش إلي”، “واضح أنه زملائي ما بدهم أنه أنجح”، “الإدارة أكيد بيكرهوني”، “أنا حظي سيء بعرف”، “الحياة ظلم”، ” أنا لازم أستقيل”.
- الفئة الثانية: “يمكن لازم أركز أكثر المرة الجاي”، “الفكرة فعلًا مكرَّرة، أنا ما فكرت منيح”، “يمكن لازم آخذ دورات في التصميم تساعدني أشتغل”، “رح اقرأ كل الرسالة بالتفصيل عشان أعرف شو أحسِّن المرات الجاي”.
إلى أي فئة تنتمين أنتِ، هل تجدين نفسك تقفين أمام الموقف وتلومين نفسك على كل خطأ؟ هل تتفشلين إن لم تنجحي من المرة الأولى؟ هل لديكِ إلحاح مستمرّ على أن تُثبتي نفسك وقدراتك؟ هل تتقبَّلين النقد؟ هل تجدين الفشل فرصة للنمو أم تجدين نفسك عالقة في مشاعر الإحباط؟
إذا كان جوابك نعم عن إحدى الأسئلة السابقة، هذا يعني بأنه حان الوقت لنبدأ معًا رحلة النمو.
كل منا لديها الرغبة في تطوير نفسها، مَن منا لا تريد ذلك المنصب أو تلك الوظيفة؟ مَن منّا لا تريد أن تصبح أفضل في حياتها؟ لا أحد بالتأكيد، إذًا ما الذي يقف في طريقنا نحو التطوُّر ذاك؟
عقلية النمو والعقلية الثابتة
هناك نوعان من العقليات، ونوع العقلية التي نختارها له تأثير كبير في رحلة نمونا وتطوير الذات.
- في العقلية الثابتة، يعتقد النّاس أنَّ صفاتهم هي سمات ثابتة وبالتالي لا يمكن تغييرها. يقوم هؤلاء الأشخاص بتقييد ذكائهم ومواهبهم عوضًا عن العمل على تطويرها وتحسينها. كما يعتقدون أنَّ الموهبة وحدها تؤدي إلى النجاح، والجهد ليس مطلوبًا.
- في العقلية النّامية، يكون لدى الناس اعتقاد أساسي بأنَّ تعلمهم وذكاءهم يمكن أن ينمو مع الوقت والتجربة. عندما يعتقد الناس أنّهم يستطيعون أن يصبحوا أكثر ذكاء، فهم يدركون أنّ جهودهم لها تأثير على نجاحهم، لذا فهم يضعون وقتًا إضافيًا، الأمر الذي يؤدي إلى تحقيق إنجاز أعلى.
إنَّ كثيرين يعتقدون أنَّ الموت هو التوقف عن الحياة، لكن من تجربتنا الواقعية إنَّ الموت يبدأ عند التوقف عن النمو والتقدم في الحياة. ولأنك تستحقين الحياة، فأنتِ مدعوَّة لها. وحتى نتغير معًا عليكِ مراعاة عدة نقاط سنذكرها لكِ بشكل موجز.
8 خطوات عملية لتطوير عقلية النمو وترك العقلية الثابتة:
- اعرفي نقاط ضعفك.
- العقلية الثابتة: أنا متراخية لا يمكنني العمل في هذا المشروع.
- عقلية النمو: أنا أعرف أنني متراخية، وأميل إلى تأجيل الأشياء حتى اللَّحظة الأخيرة. سأحاول تغيير ذلك من خلال تحقيق أهداف صغيرة للعمل، وإعطاء نفسي فترة معقولة من الوقت لإنجازها.
- تعلَّمي إعطاء وتلقي النقد البناء.
- الثابتة: أنا فعلًا حزينة ومشوشة، زميلتي في العمل أعطتني عدة ملاحظات عن التقرير الذي قدَّمتُه، أتمنى لو أنها شجعتني وأطرَت على عملي، لكنها ليست صديقة حقيقية.
- عقلية النمو: أنا ممتنة لزميلتي؛ لأنها أشارت إلى نقاط ضعفي في كتابة التقارير، وهذه فرصة لتحسين أدائي في المرات القادمة.
- آمني أنَّ الحاجة إلى التحسن لا تعني الفشل.
- العقلية الثابتة: أنا فاشلة في أسلوب الكتابة.
- عقلية النمو: كيف أكون أفضل من الأمس؟ من خلال أن أحسِّن من أسلوبي في الكتابة.
- تذكَّري أنَّ الدماغ لديه القدرة على التغيير طوال الحياة.
- العقلية الثابتة: أنا قد أنهيت دراستي الجامعية، ولدي خبرة 10 سنين في مجال العمل، أعتقد أنني كبرت على تعلُّم مهارات جديدة.
- عقلية النمو: مهما كان عمري، فلا أزال أستطيع تعلُّم مهارات جديدة.
- تعلَّمي من خبرات و أخطاء الآخرين.
- العقلية الثابتة: ارتكبت فلانة خطأً، هذا لا يعنيني أبدًا.
- عقلية النمو: ارتكبت فلانة خطأً وتعلَّمتْ كيفية القيام بها بشكلٍ صحيح، سأضع ذلك في الاعتبار للمُستقبل عندما أكون في وضعها.
- ركِّزي على العملية عوضًا عن النتيجة النهائية.
- الثابتة: لن أكافئ نفسي؛ لأني لم أصل إلى هدفي بعد.
- النمو: أي خطوة في عملية النمو هي إنجاز يستحق أن أُكافئ نفسي عليه.
- تذكري أنَّ الأمر يستغرق بعض الوقت للتعلُّم.
- العقلية الثابتة: لن أخوض في هذا الموضوع؛ لأنه سيأخذ الكثير من الوقت لكي أصل إلى الهدف.
- عقلية النمو: سيكون الموضوع صعبًا وسيتطلَّب وقتًا، لكن لا شيء ذا قيمة يأتي بسرعة وسهولة.
- اغرسي في داخلك الشعور بالغرض.
- العقلية الثابتة: سأنجز المطلوب مني في الوقت المناسب.
- عقلية النمو: قبل أن أفعل أي شيء يجب أن أدرك الهدف الذي سأحقّقه من إنجاز هذا الأمر.
هل أنتِ مستعدَّة لهذه الرحلة؟
من أجل تطوير عقلية النُّمو، عليك أن تكوني مستعدَّة لتغيير معتقداتك حول ما تستطيعين القيام به. لا يمكنك التمسُّك بفكرة أنَّكِ وُلدتِ بكلِّ مواهبك وقدراتك، وليس لديك مجال للنُّمو.
كيف تشعرين حيال العقلية الثابتة مقابل عقلية النمو؟ إذا كنتِ تعتقدين أنَّ الذكاء يقتصرُ على ما وُلدتِ به، آمل أن تمنحك هذه المقالة وقفة كافية- على الأقلّ- لتجربة عقلية النُّمو ورؤية كيف يمكنكِ تطبيقها بالطريقة التي تناسبكِ لتطوير حياتك.
المراجع:
A Summary of Growth and Fixed Mindsets- Carol Dweck