هل أنت هرون؟

إعداد: مريانا هنديلة

“ولما رأى الشعب أن موسى أبطأ في النزول من الجبل اجتمع الشعب على هرون. وقالوا له قم اصنع لنا آلهة تسير أمامنا. لأن هذا موسى الرجل الذي أصعدنا من أرض مصر لا نعلم ماذا أصابه. فقال لهم هرون انزعوا أقراط الذهب التي في آذان نسائكم وبنيكم وبناتكم وأتوني بها. فنزع كل الشعب أقراط الذهب التي في آذانهم وأتوا بها إلى هرون. فأخذ ذلك من أيديهم وصوره بالإزميل وصنعه عجلا مسبوكا. فقالوا هذه آلهتك يا إسرائيل التي أصعدتك من أرض مصر. فلما نظر هرون بنى مذبحا أمامه. ونادى هرون وقال غدا عيد للرب. فبكروا في الغد وأصعدوا محرقات وقدموا ذبائح سلامة. وجلس الشعب للأكل والشرب ثم قاموا للعب”. (خروج 32: 1-6).

لقد انصاع هرون لطلبهم فورا دون أن يناقشهم أو يحاول أن يشرح لهم من هو الله الحقيقي، وكيف أن الله هو وحده من أخرجهم من أرض العبودية في مصر بمعجزات عظيمة تجلت واضحة بالعشر ضربات التي مد الرب يده بها على المصريين الذين استعبدوهم وأنهكوا قواهم لسنين عديدة. وظهرت عظمة الرب بها بشكل لا يوصف، ومع أنه عاين وشهد عمل الرب المعجزي في عبور شعب بني إسرائيل البحر الأحمر، حيث كانت المياه سورين عن يمينهم وعن شمالهم “وأما بنو إسرائيل فمشوا على اليابسة في وسط البحر والماء سور لهم عن يمينهم وعن يسارهم” (خروج 14: 29)، وكيف تمجد الرب وأنقذهم من أيدي جيوش فرعون إذ أغرقهم في البحر الأحمر، وبعد هذا كله ما كان من هرون إلا أن نطق بكلامه “انزعوا أقراط الذهب.. وأتوني بها” وكأنه إنسان آخر لم ير مجد الرب أبدا ومعجزاته العظيمة!

كثيرا ما نفعل مثل هرون ونسلك مثله أمام أول مطب يعترضنا.

فننسى كل معجزات الرب واختباراته الماضية التي تمجد بها في حياتنا وكل الافتقاد الإلهي الذي مد به الرب يده علينا لينقذنا من كل شر، نتقاعس ونتخاذل ونترك الله الحي المنقذ الذي اختبرناه كثيرا، وبصماته واضحة في حياتنا وآثار عمله مطبوعة في أجسادنا وكياننا، لنركض وراء أشياء أخرى عديدة وكثيرة قد لا تكون عجلا ذهبيا نشيد له مذبحا، لكن يأخذ هذا الصنم صورا أخرى، قد يكون مالا وثروة أو مشاريع أو شهرة أو نجاحا طالما ناضلنا لنفتخر به، لكنه يبقى صنما نوليه اهتمامنا ووقتنا وأفكارنا وحتى كياننا وذاتنا أكثر مما نوليه للرب من وقتنا واهتمامنا وأفكارنا.

لذا لابد أن نقف وقفة جريئة وصادقة أمام حقيقة إيماننا؛ هل إيماننا يعتمد على نزول موسى من على الجبل لنراه ونعمل بما يقوله ونستمر نعبد الرب الحي، وإن لم ينزل موسى أو تأخر في نزوله ولم نره نقف دون حراك مكتوفي النفس ومسلوبي روح العبادة الحية للرب، ويتجمد إيماننا ونزحف وراء آلهة أخرى وأصناما كثيرة لتشبث بها ونعبدها.

قد يكون موسى الذي ننتظره لينزل عن الجبل صلاة طالما ووضعناها بين يدي الله، أو نجاحا دأبنا السعي ورائه أو استثمارات ومشاريع أنهكت قوانا لنصنعها ولم تحقق لسبب أو لآخر! هل سيضعف إيماننا ونخور عند أول مطب يقف أمامنا ويعترضنا لنقف الآن أمام مرآة ذواتنا ونفحص دواخلنا وحقيقة إيماننا، وما أعظم أن نرى في هذه المرآة شخص ليس هرون!


انضمي إلينا اليوم وكوني جزءًا من مجتمعنا المتنوع! سجّلي الآن وأنشئي ملفك الشخصي للاستمتاع بفوائد عديدة وتجارب فريدة داخل موقعنا.