إعداد: بسمة قموه
نجد الناس يتهافتون على مختلف العيادات عند الشعور بأي عارض جسدي. وحتى في معظم الأحيان بلا مبرّر فقط للاطمئنان على صحتهم الجسدية وإجراء الفحوصات الدورية للكشف المبكر عن بعض الأمراض. لكننا نرى التردد والخوف الشديد عند ذكر العيادة النفسية أو الطبيب النفسي رغم وجود الحاجة الماسة أحياناً إلى الطبيب النفسي، خصوصاً بعد أن أثبت العلماء أنّ معظم الأمراض العضوية سببها الرئيسي نفسيّ. مثل التوتر الشديد والخوف المبالغ فيه وتأثيرهما على الجهاز العصبي, وأمراض المفاصل والقلب، وحتى الأمراض الجلدية لها أسباب نفسية أحياناً.
الصورة الخاطئة التي رسخت في أذهان الناس هي أنّ الطبيب النفسي هو فقط للمجانين الذين فقدوا السيطرة على عقولهم، وقد روَّجت لهذه الفكرة بعض الأفلام والمسلسلات التلفزيونية ربما بطريقة غير مقصودة. ولكنها تركت هذا الأثر السلبي في أذهان الناس.
قد يقع فريسة لمرض نفسي معيّن. وليس هناك عيب أبداً في استشارة الطبيب لمحاولة تدارك الأمر قبل أن يتحوّل إلى أزمة متقدِّمة تزعج حياة الشخص وتؤثر على أدائه في أيّ موقع هو فيه. ونلاحظ أحياناً أننا نمرّ بحالة من الاكتئاب وعدم الثقة بالنفس. ربما نتيجة تلقّي معاملة سيئة من أحد الوالدين أو تفضيلهما لأحد الأبناء على الآخر، وهذا يترك جروحاً في النفس نحتاج أن نشارك بها أحداً. ويستطيع الطبيب النفسي أن يضع يده على الجرح وبمجرد أن يعطيك فرصة للتكلّم عن هذا الأمر تبدأ المشكلة بالانحسار والتقلّص.
كثيرون لا يستطيعون الخروج من الحزن الشديد الذي يسببه فقدان شخص عزيز. وتصبح أية نوعية من المساعدة ضرورية جداً سواء على الصعيد الروحي في العلاقة مع الله أو عن طريق اللجوء إلى الطبيب لكي يأخذ بيد الشخص المجروح للخروج به من دوّامة الحزن المرَضيّ الذي قد يصل أحياناً إلى الانتحار البطيء. لذلك، ونحن نعيش الآن في عالم متطوّر أصبح العلم به يطغى على الموروثات والأفكار غير الصحيحة. علينا أن نغيِّر من أنماط تفكيرنا وألا نتفادى العيادة النفسية إذا لزم الأمر, فليس في هذا الأمر أيّ عيب.
لقد صرّح داود في القديم – بحسب ما ذُكر في الكتاب المقدّس في سفر المزامير – عن ألمه النفسيّ إلى الله. وأعلن عن ذوبان قلبه في داخله، وكيف كان يعوِّم كلّ ليلة سريره بدموعه. وكيف كان ينسى طعامه من شدّة حزنه، ويطلب العون من الله الذي كان يسارع إلى نجدته وإغاثته، فإنّ الصحة النفسية هي وراء الصحة الجسديّة.