الاحتفال بميلاد المسيح

إعداد: د. فادي حداد

مضى ألفا عام ونحن الآن على مطلع الألف الثالث لميلاد السيد يسوع المسيح. ويحتفل الكثيرون حول العالم في هذه المناسبة بطقوس وثنية تتمثل بشجرة الميلاد وبابا نويل وتبادل الهدايا. ونجد أن هذه الاحتفالات قد لا تعني روحياً الشيء الكثير لمَن يجرّيها. أي قد لا تكون للناس في هذه المناسبة السعيدة علاقة شخصية بالمسيح.

وكثيرون يتساءلون في هذه المناسبة: ما هي حقيقة يسوع المسيح؟ ولماذا الاحتفال بميلاده؟

وللإجابة عن السؤال الأول ما علينا إلا أن نفهم المعنى لاسم المحتفَل به أي يسوع المسيح، فاسمه يمثل وصفاً لرسالته، وكلمة المسيح هي لقب يصف مكانة أو مسؤولية خاصة وتعني مَن مسحه أو مَن عيّنه الله. وأما كلمة يسوع فتعني المخلّص، وقد بيّن ذلك الملاك جبرائيل عندما كلّم يوسف خطيب العذراء مريم بقوله: “لا تخف أن تأخذ مريم امرأتك لأن الذي حُبل به فيها من الروح القدس. فستلد ابناً وتدعو اسمه يسوع لأنه يخلّص شعبه من خطاياهم” (متى: 1). ويتنبأ النبي إشعياء عنه في التوراة قائلاً: “لقد جعلتك نوراً للأمم لتكون خلاصي إلى أقصى الأرض” (أصحاح 48).


ويتكلّم عنه إشعياء أيضاً واصفاً إياه بذراع الله الذي يأتي ليحمل خطايا البشر بموته الكفاري قائلاً: “من صدّق خبرنا؟ ولمَن استُعلنت ذراع الرب؟ كلنا كغنم ضللنا ملنا كل واحد إلى طريقه والرب وضع عليه إثم جميعنا. ظُلم أما هو فتذلل ولم يفتح فاه كشاة تساق إلى الذبح وكنعجة صامتة أمام جازيها (أي ذابحيها) لم يفتح فاه.. وفي جيله من كان يظنّ أنه قُطع من أرض الأحياء أنه ضرب من أجل ذنب شعبي. بجراحه شفينا.. بمعرفته يبرّر كثيرين وآثامهم هو يحملها.. إنه سكب للموت نفسه وأحصي مع أثمة وهو حمل خطيئة كثيرين وشفع في المذنبين.” (أصحاح 53). وتنبأ عنه النبي داود في (مزمور 22) واصفاً عذابه على الصليب قائلاً على لسان المسيح: “كالماء انسكبت. انفصلت كل عظامي صار قلبي كالشمع قد ذاب في وسط أمعائي يبست مثل شقفة قوتي ولصق لساني بحنكي وإلى تراب الموت تضعني.. ثقبوا يدي ورجلي.. وهم ينظرون ويتفرّسون فيّ، يقسمون ثيابي بينهم وعلى ردائي يقترعون.” 


وهكذا فإنّ يسوع المسيح الذي كان بلا خطيئة هو حمل الله المرسَل ليكون الذبيحة المقبولة عند الله عن البشرية الخاطئة لكي تأخذ العدالة الإلهية حقّها.

لأنه مكتوب في التوراة أن النفس التي تخطئ موتاً تموت وأنه بدون سفك دم لا تحصل مغفرة (لاويين 11:11). كما هو مكتوب أنّ “أجرة الخطيئة موت” (رومية 6: 23). وأيضاً مكتوب “ملعون كل من علق على خشبة” (غلاطية 3: 13). ويكتب الرسول بولس: “إن الله صالحنا لنفسه بيسوع المسيح.” ويوضح أن المسيح سُمّر على خشبة الصليب ليدفع بنفسه الدين الذي علينا ثمن خطايانا (كولوسي 3: 14) وفي (2 كورنثوس 5) يؤكد الرسول بولس: “إذاً إن كان أحد في المسيح فهو خليقة جديدة.”


ويقول الرسول يوحنا “إن اعترفنا بخطايانا فالله أمين وعادل حتى يغفر لنا خطايانا ويطّهرنا من كل إثم. وإن سلكنا في النور كما هو في النور.. دم يسوع المسيح.. يطهّرنا من كل خطيئة.” وأيضاً يقول: “إن أخطأ أحد (بعد إيمانه وتوبته وولادته الروحية الجديدة) فلنا شفيع عند الآب، يسوع المسيح البارّ. وهو كفّارة لخطايانا. ليس لخطايانا فقط، بل لخطايا كلّ العالم أيضاً. (رسالة الرسول يوحنا الأولى أصحاح 2: 1و2). وهكذا نرى أنّ يسوع المسيح لم يكن مرسَلاً إلى فئة واحدة من البشر بل كان المسيح ممسوحاً (أي معيناً أو مرسلاً إلى العالم أجمع).


إذاً العالم في ذكرى عيد ميلاد السيد المسيح يحتفل شاكراً الله على عطيته فهو الذي أحبنا ونحن بعد خطاة، وأرسل المسيح فداء لأجل البشرية جمعاء وليس لليهود فقط. إنه مخلّص لجميع الذين يدعوهم الله للتوبة. والمؤمنون بالسيد المسيح يحتفلون في هذه الأيام بذكرى ميلاده حيث جاء إلى العالم ليكون لنا سلام مع الله مقدِّماً نفسه عنا ذبيحة مجانية للمغفرة لتكون لكلّ مَن يؤمن به الحياةُ الأبدية.


انضمي إلينا اليوم وكوني جزءًا من مجتمعنا المتنوع! سجّلي الآن وأنشئي ملفك الشخصي للاستمتاع بفوائد عديدة وتجارب فريدة داخل موقعنا.