من المعروف بأنَّ الإنسان كائن علاقاتيٌّ لا يستطيع العيشَ بمفرده وبمعزلٍ عن الآخرين. وهذا ما يدفعنا إلى التَّخاطُب والتَّفاعل مَع مَن حولنا وبناء علاقات متينة تُثرينا وتُطَوِّرُنا.
إنَّ وجودنا ضمنَ “دائرة راحتنا” وبقاءَنا مَع مَن يشاركوننا الأفكار والمبادِئ والاهتمامات وحتّى طريقة الكلام والمُزاح ـــ يُكسِبُنا الرِّضى، ونشوة السَّعادة، والشُّعور بالقبول، وأيضًا يزيد ثقتَنا بأنفسنا. وبالمُقابل، عادةً ما نفقد الحماسَ والرّاحة في بُعدِنا عمَّن نألفهم. وفي تعامُلنا مع الآخر (غير المُعتاد) بحيث نفقد الاهتمام بالتَّواصل أو نشعر بعدم الأمان فتهتَزُّ ثقتنا بأنفسنا. وفي كلتا الحالتَين نسعى نحو الانسحاب والانعزال، ونُفضِّل عدم الانخراط في انتظار “انتهاء ساعات دوامِنا” أو “انقضاء جلستِنا” أو “انضمام أحد أفراد (جماعَتنا)”.
في الحقيقة، لطالما واجهَتني هذه المشكلة مع نفسي ومع مَن أسعى إلى مساعدتهم من حولي؛ فبقاؤنا في هذه الحالة يجعلنا نخسَر الكثير، وقد يكشف أو يتطوَّر إلى مشكلة نفسيَّة تتطلَّب إرشاد مختَصّين. العالم واسع من حولنا، والأشخاص متنوِّعون بأفكارهم وآرائِهم. كما أنَّ هناك الكثير من الخبرات والأفكار الَّتي من المُمتِع الاطِّلاع عليها، وبعض النِّقاشات الَّتي من المُثير خوضُها.
أشجِّعُكِ أن تبدَئي التَّدريب على كسر هذه الحواجز، اسمَحي لنفسِك بالانخراط مع مَن حولِك وأعطي “الوقت حقَّه”، لا تنتظريه أن يمُرَّ لينتهيَ بلقاء مَن عهدتِ إمضاء الوقت معهم. حاولي وباتِّزان أن تسمحي للآخرين بالتَّعرُّف عليكِ أكثر والاستِمتاع بالتَّعامل معكِ؛ فالاحتكاك مع الآخرين يُساعدكِ على إظهار عبَقِ قيَمك، وأفكارِك، ومعتقداتِك الطَّيِّبة ومشاركتها معهم.
ولكن احذري، وباتِّزانٍ وصحوة كوني صاحبة القرار بشأن ما تودّين مشاركته والانفتاح به ولأيِّ حدٍّ، وبذكاء اختاري ما تقبَلين وما ترفضين ممّا تسمَعينه. واسعي إلى تطوير مهاراتِك من خلال مهارة التَّعامل مع الآخرين؛ فهي أكثر المهارات الَّتي تُطوِّرُكِ وتُكسِبُكِ الكثير.