“طُوبَى لِلرَّجُلِ ٱلَّذِي لَمْ يَسْلُكْ فِي مَشُورَةِ ٱلأَشْرَارِ، وَفِي طَرِيقِ ٱلْخُطَاةِ لَمْ يَقِفْ، وَفِي مَجْلِسِ ٱلْمُسْتَهْزِئِينَ لَمْ يَجْلِسْ. لَكِنْ فِي نَامُوسِ ٱلرَّبِّ مَسَرَّتُهُ، وَفِي نَامُوسِهِ يَلْهَجُ نَهَارًا وَلَيْلًا. فَيَكُونُ كَشَجَرَةٍ مَغْرُوسَةٍ عِنْدَ مَجَارِي ٱلْمِيَاهِ، تُعْطِي ثَمَرَهَا فِي أَوَانِهِ، وَوَرَقُهَا لَا يَذْبُلُ، وَكُلُّ مَا يَصْنَعُهُ يُنجحُ.” (مزمور ١: ١-٣)
في الثقافات العربية والبدوية، يُحتَفى غالبًا بالرجال لصفاتهم من قوة وشجاعة وقيادة. هذه الصفات تُجسِّد تراثًا من الصمود والكرامة، لكن حياة يسوع المسيح تقدّم معيارًا أسمى للشخصية التقية، يتجاوز الأعراف الثقافية.
فيسوع كان منضبطًا، عاش بتناغم تام مع توقيت الله. فعندما طلبت منه أمه أن يتدخل في عرس قانا، أجابها: “لم تأتِ ساعتي بعد”، مظهرًا لنا أهمية الصبر والهدف الإلهي، دون الانصياع لضغط التوقعات البشرية.
وقد أظهر شجاعة حقيقية، لا من خلال التفوق الجسدي، بل بمواجهة الظلم بجرأة. عندما قلب موائد الصيارفة في الهيكل، بيّن أن البرّ يتطلّب حزمًا في الوقوف بوجه الباطل. أما نُبله، فكان واضحًا في احترامه للآخرين، حتى عندما أُهين باتهامه بأنه سامري وبه شيطان، ردّ دون أن يُهين السامريين، مجسّدًا كرامة المحبة فوق الانقسامات الاجتماعية.
وفيما يُخفي بعض الرجال مشاعرهم بحسب مفاهيم الرجولة التقليدية، احتضن يسوع الرحمة. بكى عند قبر لعازر، وواسَى الأرملة المفجوعة بابنها، مظهرًا لنا أن القوة الحقيقية تكمن في الرقة. كما تميّز بحكمة إلهية، كما في رده على الأسئلة المعقدة بقوله: “أعطوا ما لقيصر لقيصر، وما لله لله.”
وعبر الصلاة، أظهر اتكاله الكامل على الآب، إذ قضى ليالي كاملة في الصلاة قبل اتخاذ قرارات مصيرية، مثل اختيار تلاميذه.
صفات الرجل العربي من كرامة وشجاعة وحكمة هي صفات نبيلة، لكن يسوع يدعونا إلى ما هو أعمق. فالرجل التقي لا يُقاس بمقاييس المجتمع، بل بقلب منسجم مع إرادة الله — منضبط، رحيم، شجاع، ومصلّي.
صلاة:
يا رب، ساعدني اليوم أن أكون بحسب قلبك، كما سار يسوع المسيح — الإنسان الكامل — في الصلاة، وفي الحكمة، وفي كل موقف. آمين.