إعداد: المرأة العربية اليوم
شوارعنا فارغة، مؤلمة، قاصرة عن احتواء كلِّ تلك المشاعر غير المتماثلة وغير المُتشابهة. كم هي شوارعنا مؤلمة في هذا التّاريخ؛ فلا عدلَ يُنصف الأمَّ. ولا يوجد هناك ما يجبر خاطر تلك الَّتي لم يرزقها الله أولادًا، أو ذاك الَّذي فقد أمَّه، وتلك الَّتي راح طفلها، وكأنَّهُ إعصارٌ جارف!
كم من صلواتٍ رُفعت كي يُجيز الله هذا اليوم على خير. محاولات كاذبة للاختباء في البيت، حجج غير صادقة للبقاء بعيدًا عن الجميع حتّى لا تُسمع تلك الكلمات المؤلِمة الجارحة أو الصّامتة في عيونهم. أو لربّما تلك المواساة الرَّقيقة بأنَّكِ -في العام المُقبل- ستحملين الطِّفل بين يديكِ. وتمضي سنوات العمر ليأتي هذا التّاريخ، ويقول لها بأنّها ناقصة غير مكتمِلة! ولا تعود تنجح كلُّ محاولات الأطباء لجعلها أمًّا، إنّما استطاعَت فقط أن تترك مخزون الأبر والهرمونات في جسدها الَّذي تغيَّرت ملامحهُ كثيرًا.
كم من مناجاة رُفعت ليُعيد الله أمًّا على فراش الموت؛ تاركة صدر البيت فارغًا
وحِملَ أطفال لا يفهمون قصد الله من أن يُحرَموا عطفها وحمايتها! وكم من شابٍّ فُقد في حادث سير؛ وأُمُّه المُلوَّعة تتخبَّط في حضيض الألم لتُقنعَ نفسها أنَّه في مكان أفضل في محاولة منها لتسكين هول الألم.
لنُقَدِّر ألمهنَّ في كلِّ مرَّة نتقابل مع إحداهنَّ، ولتكن قلوبنا مليئة بالرَّأفة والمحبَّة. وحين نرى دموعهنَّ لنعترف أنَّهنَّ يمتلكن الحقَّ في البكاء، ولنُدرك أنَّ ألمهنَّ مُبَرَّر وصحيح وطبيعيٌّ. ولنتذكَّر أيضًا الَّذين فقدوا أمَّهاتهم، واللَّواتي لم يمُنَّ الله عليهنَّ، ومَن فقدن فلذات الكبد. لنتعلَّم مهارة الصَّمت حين يشاركوننا ألمهم، والصَّلاة ليرَوا الجانب المُضيء في حياتهم ويعرفوا قصد الله. لنُراعِ مشاعرهم، ولنحترمْ خصوصيَّتَهم وألمهم.
في حالات كتلك، مشاعر الأمومة سامية رغم اختلاطِها، وغنيَّة رغم فراغها. كُن سبب سكينة وسط العاصفة لمَن لا زال قلبه يبحث عن مأوى آمنٍ ومرسىً إليه يهدأ. وليكن بالمعلوم أنَّ الأمومة ليست صورة مجتمع وثقافة. وهي ليست مشاعر تقتصر على الأمّ وحسب، بل هي لكلِّ أنثى اختارَت أن تُعطي.