بيت يبنيه الرب

“إن لم يَبْنِ الربّ البيت، فباطلاً يتعب البنّاؤون. إن لم يَحْفَظ الربّ المدينة، فباطلاً يسهر الحارس.”

(مزمور ١٢٧: ١)

في ثقافتنا العربية، يُعتَبَر البيت حجر الأساس في المجتمع—فيه تُحفَظ التقاليد، وتُغرس القيم، وتُمارَس الضيافة. تبذل العائلات كل ما بوسعها لتأسيس بيوت مليئة بالمحبة والفرح والاستقرار. يستثمر الأهل في التعليم، ويوفّرون الراحة المادية، ويحتفلون باللحظات الجميلة. ومع ذلك، يُذكّرنا كاتب المزمور أن كل هذا لا قيمة له إن لم يكن الله هو الباني.

فالبيت ليس مجرّد بناء من حجارة وأسقف، بل هو أوّل مؤسّسة أسّسها الله—ملجأ روحي تُقيم فيه حضرته. حين يبني الربّ البيت، يصبح مكان سلام في وسط عواصف الحياة، ومركز نور ينعكس على من فيه وحوله. البيت المبني على صخر الخلاص لا يتزعزع، بل يصمد مهما هبّت عليه التحديات.

في العائلة العربية، يُعتَبَر الأولاد بركة عظيمة من الرب، وكنزًا ثمينًا. هم كالسِهام في يد الجبّار، وديعة في أيدينا لنرعاهم ونقودهم في طريق الحق. دورنا لا يقتصر على توفير الطعام والمأوى والتعليم، بل أن نُريهم الطريق إلى الصليب. حين نُعرّف أولادنا على يسوع، نُسلمهم بين يدي من يحبّهم أكثر منا، ويعرف احتياجاتهم، ويقود خطواتهم بأمان.

كم من مرة نحاول أن نؤمّن بيوتنا بقوتنا؟

نُقفل الأبواب، نخطط للمستقبل، ونتعب من القلق. ولكن الحقيقة تبقى: ما جدوى كل حذري وسهري إذا لم يكن الرب هو الحارس؟ وحده الرب يحفظ البيت ويباركه. عندما يسكن روحه بين جدران بيوتنا، تتحوّل إلى منارات تُشعّ بالمحبة والإيمان والضيافة وسط مجتمعاتنا.

فلنُسلّم بيوتنا وعائلاتنا بالكامل للرب، واثقين أنه هو الباني والحارس والمرشد. ولنُصلِّ من أجل أولادنا، ونعلّمهم أن يسيروا في طرق البر، ليكونوا نورًا في عالم مليء بالظلام.

صلاة:

يا رب، نشكرك على عطية العائلة والأولاد. ساعدنا أن نبني بيوتنا على حضورك، وأن تكون مساكننا أماكن مقدسة لك. قُد أولادنا نحو الصليب، وباركهم، واملأهم بروحك. احفظ بيوتنا، وعمِّق جذورها في كلمتك ومحبتك، لتكون شاهدة لمجدك ونورك. في اسم المسيح نصلّي، آمين.