العبد الذي أحسن استثمار وزناته
باب: نموي في الرحلة
الكاتب: معاوية هلسة
التاريخ: أكتوبر 16, 2024
أعطاني 5 وصار معي 11
(إنجيل متى 25: 14-30)
يعتاد الإنسان على نمط حياةٍ معيَّنٍ، فتدخل حياته بأحداثها المختلفة في روتينٍ لا يوقفه إلا ظرف غير اعتيادي، هذا ما حصل معي وزملائي. بعد نهار طويلٍ في الحقل والعمل تحت أشعة الشمس الحارقة، جاء سيدي ودعاني مع اثنين آخرَين من رفقائي لجلسة معه. انتابتني مشاعر كثيرة يخالطها الخوف من هدف هذا اللقاء.
اجتمعنا زملائي وأنا، ودخلنا معًا إلى حيث كان ي جلس السيد. وقفنا أمامه منتظرين أن يبادر بإخبارنا لماذا دعانا. كانت لحظات صعبة وثقيلة. وفجأةً، نادى سيدي اسمي، وقال لي: هذه خمسُ وزنات. هي تحت تصرُّفك. أنا مسافرٌ! تاجِر بالوزنات وسوف أعود بعد زمانٍ طويلٍ لأحاسبك أنتَ وزملاءَك. مدَّ سيدي يده وناول رفيقي الثاني وزنتَين، ثم أعطى وزنة واحدة لرفيقي الثالث.
خرجنا من عند سيدنا ونحن تحت وقع المفاجأة، غير قادرين على الحديث. ذهبتُ إلى فراشي لأنام، لكنَّ سيلًا من الأسئلة تدفَّق إلى رأسي وأقلقني:
ما الدافع وراء هذا التصرُّف من سيدي؟ لماذا أعطاني أنا أكثر من الآخرين؟
ولماذا لم يوزِّع الوزنات بالتساوي بيننا؟ ولماذا دائمًا يكون المطلوب مني أكثر من رفقائي؟ وتوالت الأسئلة. ولكنني تحت وطأة الإرهاق الشديد نمتُ، ولم أصحُ إلا على صوت مناداة رفقائي العبيد يعلنون أنَّ سيدنا سوف يسافر بعد قليل.
نهضتُ مسرعًا، غسلتُ وجهي وارتديتُ ملابسي وأسرعتُ نحو سيدي. كان على وشك الانطلاق. نظر إليَّ وابتسامةٌ خفية على وجهه، وقال: “أنا مسافر، خذ بالك من كل شيء!”
انطلق سيِّدي وبقيت كلماته الأخيرة ترنُّ في أذنيَّ. ذهبتُ إلى عملي اليومي، وابتدأتْ الأسئلة التي أتعبَتني أمس تتدفَّق إلى رأسي من جديد، لكنَّ تلك الأسئلة جميعها، انهارت أمام فكرة واحدة سيطرَت على فكري في تلك اللحظة. لقد سلَّمني سيدي مسؤولية أكبر من البقية بسبب ثقته بي.
لقد اختبرَني على مرِّ السنين، كنتُ محطَّ ثقته ولم أخيِّب ظنه مرة واحدة.
تبدَّلت الأمور من تلك اللحظة، ناديتُ رفقائي العبيد وشجَّعتهم أن نعمل بأمانة وإخلاص لنكون بحسب توقُّعات سيدنا. رفيقي الثالث صاحب الوزنة الواحدة لم يستجِب لأيٍّ من أحاديثنا المتكرِّرة معه أنا ورفيقي صاحب الوزنتَين. وفعلًا ابتدأنا العمل أنا وزميلي صاحب الوزنتَين.
ذهبتُ إلى سوق الأغنام وفكَّرت بأنَّ أفضل استثمار لوزناتي الخمس هو أن أشتري بها مجموعة من الأغنام. وفعلًا اشتريتُ مائة رأسٍ من الغنم، هيَّأتُ لها مكانًا في مزرعة سيِّدي وابتدأتُ أهتمُّ بها، ولم تكد أشهر الشتاء تنصرف، حتى جاء الربيع. وأصبح لديَّ مواليد جديدة، وابتدأتُ أقوم بتصنيع منتجات الحليب وبيعها، ثم ابتدأتُ ببيع صوف الأغنام. بقيتُ على هذه الحال، أعملُ باجتهاد وأُمَنّي النفس بالمزيد من المكاسب لأكون على قدر ثقة سيدي بي.
ذات يومٍ وبعد طول غيابٍ، وصل سيدي من سفره وكانت فرحتنا لا توصف بقدومه، فقد اشتقنا إليه، وكنتُ فرحًا أنتظر أن يرى ما عملتُ أثناء غيابه. وفعلًا بعد العشاء، نادانا السيد أنا ورفقائي وطلب من كل واحدٍ منا أن يقدِّم تقريرًا عمّا فعله بالوزنات.
ابتدأت أنا أتحدث، فأخبرته بما عملتُ وكيف استثمرتُ الوزنات الخمس، وكيف أنني ربحتُ فوقها خمس وزنات أُخَر. مدحني السيد ومدح أمانتي ورحَّب بي للاستمرار معه بفرحٍ. جاء رفيقي الثاني صاحب الوزنتَين وأخبر السيد أنه ربح وزنتَين أُخريَين فوق الوزنتَين اللَّتين أخذهما من السيد. مدحه السيد ومدح أمانته ورحَّب به للاستمرار معه، تمامًا مثلما فعل معي. وجاء دور رفيقنا الثالث الذي تبيّنَ أنه لم يعمل أي شيء بالوزنة بل مضى وأخفاها. ليس هذا فقط، بل إنه اتَّهم السيد بأنه قاسٍ وغير عادل، فما كان من السيد إلا أن أدانه بسبب عدم أمانته، وطرده خارجًا من محضره إلى العذاب.
لكنَّ المفاجأة الكبرى أنَّ السيد أمرَ بأن تُؤخَذَ الوزنة منه وتُعطى لي. لقد أصبح معي إحدى عشرة وزنة.
كلمة لكِ
يعرفُ الربُ قدراتكِ وإمكاناتكِ، لذلك أعطاكِ مواهبَ تتناسب معها. لا تتذمَّري ولا تقارني نفسك بالآخرين. اخدمي الرب واستثمري الوزنات التي أعطاكِ إياها. أنتِ محلُّ ثقة الرب فلا تخيِّبي ظنّه. وفي يوم ما، سوف يعود الرب يسوع ثانية، وسوف يطلب من كل مؤمنٍ ومؤمنةٍ أن يُعطي حسابَ وكالته (2 كورنثوس 5: 10).
هل أنتِ جاهزة؟
انضمي إلينا اليوم وكوني جزءًا من مجتمعنا المتنوع! سجّلي الآن وأنشئي ملفك الشخصي للاستمتاع بفوائد عديدة وتجارب فريدة داخل موقعنا.