الشجرة الممنوعة والشجرة الممنوحة

باب: نموي في الرحلة

الكاتبة: سوسن زنانيري

التاريخ: يونيو 2, 2025

أنا وأنت نسمع الكثير من الملامة والمذمة والدينونة التي تقع علينا.. كل الحق على حواء.. كل المشاكل من النساء.. بدونهم نكون أفضل حالاً.. لهجات متعددة تنعتنا بكلمات قاسية وجارحة. والسبب كما يقال بأن حواء أكلت من شجرة التفاح في الجنة (مع العلم أن الشجرة لم تكن شجرة تفاح بل شجرة معرفة الخير والشر). أما عن رأي الكتاب المقدس فهو فعلاً يقول أن المرأة أغويت أولاً وسقطت في التعدي. لكنه يضع الملامة الأولى على آدم الأول في الجنة، ويقول بآدم دخلت الخطيئة إلى العالم. وهكذا سادت على كل البشر واجتاز الموت إلى جميع الناس إذ أخطأ الجميع. والسبب أنه هو الذي أخذ الوصية أولاً ليطيعها “وأوصى الرب الإله آدم قائلاً: من جميع شجر الجنة تأكل أكلاً وأما شجرة معرفة الخير والشر فلا تأكل منها لأنك يوم تأكل منها موتاً تموت. وقال الرب الإله ليس جيداً أن يكون آدم وحده, فأصنع له معيناً نظيره” (تكوين2: 16-18)

ورغم أن الرب الإله غرس جنة في عدن ووضع آدم فيها، وأنبت الرب الإله من الأرض كل شجرة شهية للنظر وجيدة للأكل وشجرة الحياة في وسط الجنة وشجرة معرفة الخير والشر.. للأسف لم يختر آدم أن يأكل من شجرة الحياة التي لم تكن ممنوعة عنه.

فالوصية منعته فقط عن شجرة معرفة الخير والشر.. ولا شك أن هذه الخطية هي الممثلة لشهوة الجسد والعيون وتعظم المعيشة التي تتقدم في حياتنا وتعطي مبررا لكل تصرفاتنا. هذا ما حصل مع حواء عندما أعطت المجال للشيطان بأن يحاورها ويسمعها الأكاذيب ضد الله ومحبته لها فاختارت الموت على الحياة.

يقول الكتاب المقدس في (تكوين 3: 2-6) “فقالت المرأة للحية من ثمر الجنة نأكل. وأما ثمر الشجرة التي في وسط الجنة فقال الله لا تأكلا منه ولا تمساه لئلا تموتا. فقالت الحية للمرأة لن تموتا بل الله عالم أنه يوم تأكلان منه تنفتح أعينكما وتكونان كالله عارفين الخير والشر. فرأت المرأة أن الشجرة جيدة للأكل وأنها بهجة للعيون. وأن الشجرة شهية للنظر, فأخذت من ثمرها وأكلت وأعطت رجلها أيضاً معها فأكل”. وهكذا أغويت حواء وحصل التعدي وسقط الإثنان في الخطيئة (عدم الطاعة) التي كلفتهم الكثير.

وكان لا بد من أن يحصل هذا الأمر لأن الله يريد أن تكون علاقة وشركة الإنسان به نابعة من كامل إرادته باختياره وليس رغماً عنه.  فكما اختار آدم وحواء بإرادتهما أن يعصيا الله ويأكلا من شجرة معرفة الخير والشر مع الإدراك التام لنتائج هذه الخطيئة فإن الله بالمقابل يريد بمشيئته الصالحة ومحبته الكاملة المطلقة “أن جميع الناس يخلصون وإلى معرفة الحق يقبلون”. وأن يختاروا بمشيئتهم وإدراكهم الحياة على الموت والبر على الإثم. 

لم يرتبك الله بخطيئة الإنسان

إذ أعد الخلاص له منذ الأزل قبل أن يخلقه وقبل تأسيس العالم بيسوع المسيح المخلص الابن الوحيد الذي مات عن خطايانا لينقذنا من لعنة الخطيئة ويعطينا الحياة الأبدية التي طالما حرمنا منها نتيجة التعدي. وطرد الله آدم وحواء من الجنة لئلا يأكلا من شجرة الحياة ويعيشا إلى الأبد بخطيئتهم في الجنة. ولكن رحمة الله في الإنسان أنه طردهما من الجنة حتى يختارا خطة الله ويقبلا المسيح فيصيرا أبناء الله. وهكذا يقدم الرب لهما مرة أخرى أن يأكلا من شجرة الحياة التي في وسط فردوس الله. يقدمها لكل شخص يغلب وينتصر على الخطيئة ويؤمن باسم ابن الله الحي.

يقول الرب يسوع المسيح “من له أذنان للسمع فليسمع ما يقوله الروح للكنائس. من يغلب فسأعطيه أن يأكل من شجرة الحياة التي في وسط فردوس الله” (رؤيا 2: 7). والآن صديقتي, هل تريدين وتقبلين؟ نرى أننا خلقنا لكي نأكل من كل ثمر شجر الجنة ومنعنا عن شجرة معرفة الخير والشر فقط حتى لا نموت. ولكن لم ينجح آدم وحواء في حفظ وصية الله فخسرا كل بركة وامتياز وساد عليهما الموت. أما الآن فقد جاء المسيح آدم الأخير ومات وقام لكي يبطل الموت ويقيمنا ويحيينا معه ويرجعنا إلى الفردوس لنحيا في السماء إلى الأبد ويمنحنا أن نأكل من شجرة الحياة التي يقدمها الرب لكل من يغلب, “وهذه هي الغلبة التي تغلب العالم إيماننا”.

لا يهمنا بعد ماذا يقول الناس عنا نحن (بنات حواء) لكن يهمنا ما يقوله الرب عنا..

تذكري أنه عالج المشكلة والخطيئة والتعدي من خلال المرأة, أول وعد بالخلاص على فم الله الرحوم في الجنة قبل طرد آدم وحواء وإعلان اللعنات التي لحقت بالإنسان. “فقال الرب الإله للحية لأنك فعلت هذا ملعونة أنت من جميع البهائم ومن جميع وحوش البرية, على بطنك تسعين وتراباً تأكلين كل أيام حياتك، وأضع عداوة بينك وبين المرأة وبين نسلك ونسلها, هو يسحق رأسك وأنت تسحقين عقبه” ( تكوين 3 :14-15). والمسيح وحده هو نسل المرأة ولد من العذراء مريم من دون مشيئة رجل من الروح القدس الذي سحق الشيطان بالصليب بموته وقيامته. وقال الله للمرأة “تكثيراً أكثر أتعاب حبلك, بالوجع تلدين أولاداً وإلى رجلك يكون اشتياقك وهو يسود عليك. وقال لآدم لأنك سمعت لقول امرأتك وأكلت من الشجرة التي أوصيتك ألا تأكل منها, ملعونة الأرض بسببك. بالتعب تأكل منها كل أيام حياتك وشوكاً وحسكاً تنبت لك وتأكل عشب الحقل. بعرق وجهك تأكل خبزاً حتى تعود إلى الأرض التي أخذت منها لأنك تراب وإلى تراب تعود” (تكوين 3: 16-19).

فلنتمسك بالإيمان بالمسيح والإقرار فنخلص من اللعنة كما هو مكتوب “ولكنها ستخلص بولادة الأولاد إن ثبتن في الإيمان والمحبة والقداسة مع التعقل” (1تيموثاوس 2 :15). وليس المقصود فقط لمن هي متزوجة ولها أولاد بل الخلاص لمن تثبت بالإيمان في المسيح بالمحبة والقداسة والتعقل. لأنه بالإيمان نرضي الله إذ مكتوب “بدون إيمان لا يمكن إرضاؤه”. 

ثقي يا أختي أن الدعوة ما زالت مفتوحة لك لتأكلي من شجرة الحياة.

واعلمي أن هذه الشجرة التي ذكرت فقط مرتين في الكتاب المقدس في سفر التكوين عند الخلق وفي سفر الرؤيا ليأكل منها من يغلب. والله وضع السيف المتقلب من نار على باب الجنة لما طرد آدم وحواء ولكن في قلبه عسى أن يرجع الإنسان يوماً ما ويأكل من شجرة الحياة في المسيح يسوع. “لأنه قد صار لنا حكمة وبراً وقداسة”..إذاً هكذا صارت لنا الغلبة في المسيح يسوع, بنعمته وليس بأعمالنا أو برنا.. آمني فقط.


انضمي إلينا اليوم وكوني جزءًا من مجتمعنا المتنوع! سجّلي الآن وأنشئي ملفك الشخصي للاستمتاع بفوائد عديدة وتجارب فريدة داخل موقعنا.

#الكتاب المقدس #بلشي من هون #دينونة #يسوع المسيح