الأب المنتظر

باب: قيمتي في الرحلة

الكاتبة: ناهدة قعوار

التاريخ: مارس 24, 2025

في احدى قرى جنوب مليزيا عاشت عائلة مؤمنة محافظة. كان لتلك العائلة ولدا يدعى (ساواث) كبر وأصبح شابا. فغادر البيت مع الصحبة ونسي ما تربّى عليه من قيم وايمان لأنه أغري بالشر وانغمس بالملذات والفساد والخلاعة. وحتى تاجر بالأفيون والرقيق الأبيض. أخيرا ساءت حالته ولم يعد يقوى على تحمل ما وصل اليه من يأس وتعاسة. فندم وتمنى العودة الى عائلته. لكنه لم يجرؤ بسبب شعوره المشين تجاه والده، لأنه كان سببا في تلطيخ اسمه في المجتمع. فاعتراه الخوف والحيرة. لكنه عاد الى عقله واتخذ قراره للعودة. فأرسل لأبيه طالبا منه الصفح. وطلب منه أن يضع قماشا أبيضا على الشجرة التي أمام البيت ليتأكد من قبول والده وصفحه عن أعماله المشينة. فرقّ فلب الأب لأنه صلى من أجل ولده وآمن أن صلواته لالهه لا ترجع فارغة. وقبله فرحا.

هذا الشاب (ساواث) التائب الذي روى قصة حياته ذكّرني بتلك القصة التي رواها الرب يسوع المدونة في انجيل( لوقا 15: 24) قال: “أب له ولدان. طلب الابن الأصغر ميراثه من والده ليذهب الى بلد بعيد.

لم يجن وقت الميراث بعد. لكنه تجرأ أن يكسر قانون المجتمع ليشبع غروره. لم يدرك صعوبة الغربة الموحشة ولا قساوة الحياة بعيدا عن عائلته المحبة، فاقدا عيشة الترف والراحة. ولم يقدّر النعمة التي امتلكها بل نزل الى أعماق الخطية والشرّ بسبب تعرفه على أناس السوء الذين سلبوا رجولته وأخلاقه وثروته التي أضاعها بد نس الخطية. وبعدها أصبح وحيدا لا أهل ولا أصحاب سوى مجموعة خنازير برعاها ويشتهي أن يشاركها أكل الخرنوب. فلفه الحزن والخوف، وامتلكته قشعريرة اليأس، وقرسه الجوع. ولكن بعد تلك السكرة جاءته الصحوة. فوقع بالحيرة والندم وصار يرثي لحالته التي وصل اليها. ففكّر في نفسه، لماذا لا أعود لأبي نادما معترفا طالبا قبوله لي كأحد أجراه؟ لكن الأب الحنون كان منتظرا عودته. ففرح بلقائه. عانقه وحضنه واحتفل بعودته بأحسن استقبال. لم يلومه أو يحاسبه بشيء. بل قال: ابني هذا كان ميتا فعاش وكان ضالا فوجد. 

يا لصعوبة الضلال في مغريات العالم وفساده. ان ابليس اله هذا الدهر يزرع الغرور في الانسان ويوقعه في أعماق الهاوية. يكسوه بثوب الخطية التي تغري وتعرّي وتميت. “لأن أجرة الخطية موت وأما هبة الله فهي حياة أبدية. عطيّة من اله السماء. الله الوحيد المخلّص العظيم الذي يقبل التائبين. ولا يحسب خطاياهم فيما بعد. ليس عنده سجل خطايا لكن عنده مراحم أبديّة لكل من يؤمن به ويعيش بعيدا عن الشر. فيصبح ابنا لله وليس عبدا للخطية. 

“لأنه ان اعترفنا بخطايانا فهو أمين وعادل حتى يغفر لنا خطايانا ويطهرنا من كل اثم”1يو 1: 9 

جاء قديما الكتبة والفريسيون بالمرأة التي أمسكت بزنى الى يسوع وكانوا مستعدين لرجمها بالحجارة حتى الموت. كما أوصى موسى بالناموس. لكن الرب يسوع قال لهم:  ” من منكم بلا خطية فليرمها بحجر” فرجعوا مطأطئين الرؤوس بسبب خزيهم من خطاياهم. أما هو فغفر خطاياها. وقال لها: “اذهبي ولا تخطئي أيضا. وأنا لا أدينك” فحصلت على نعمة الغفران ورجعت الى بيتها مبررة. 

هذا هو الأب المنتطر. أبونا السماوي الذي يريد أن جميع الناس يخلصون والى معرفة الحق يقبلون. (1تي 2:4) انه ينتظر بصبر وطول أناة. ينتظر بمحبة ومغفرة. ينتظر أولاده وبناته التائبين. ألا نلجأ له ونتمتع بنعمه وغفرانه؟ انه ينتظر ويداه مفتوحتان للقبول. ووجهه مشرق ببسمة الحب العميق ويقول: “ألم يدينكم أحد؟ ولا أنا أدينكم. 


انضمي إلينا اليوم وكوني جزءًا من مجتمعنا المتنوع! سجّلي الآن وأنشئي ملفك الشخصي للاستمتاع بفوائد عديدة وتجارب فريدة داخل موقعنا.

#الأب #الكتاب المقدس #بلشي من هون #يسوع المسيح