آلام الصليب

باب: قيمتي في الرحلة

الكاتبة: ناهدة قعوار

التاريخ: مايو 10, 2025

هناك في جثسيماني صارع كبش الفداء، الحمل الوديع الطاهر. هناك كان وحيدا وعانى الآلام النفسية الشديدة في صراع مرير والعرق تصبب عليه كما لو أن زخات المطر تنزل لتبلله. كانت زخات باردة جدا أعطته شعورا حزينا على من تركوه وفشلوه، بل كانت حارة جدا إذ أحرقت وجنتيه وألهبت قلبه بمحبة غامرة، وأشعلت نيران أفكاره بالذكرى والهدف الذي جاء من أجله. لقد صاحب أعز أصدقائه إلى جثسيماني وهو عالم بأنهم سيتركونه لأجل ضعف أجسادهم المشتاقة للنوم وأرواحهم المهددة بالخوف والضعف. كان عالما بكل ما سيمر به من آلام وبغضة. وكان راضيا بالعار والجلد والبصق حتى وبالموت. مستعدا لذلك قبل نزوله من السماء بل أنه جاء خصيصا من أجل تلك المهمة. نعم طلب من أبيه قائلا: “يا أبتاه إن أمكن أن تعبر عني هذه الكأس”.. بينما كان يصارع بالجسد، اذ أظهر ضعف الانسان واحتياجه للقوة من الله. ولكنه قال أيضا: “لتكن مشيئتك يا الله لا مشيئتي”.. هذه كانت آخر كلمات صراعه. قبل بكل مشيئة الله الذي حنّ على الانسان وأرسل له الرحمة والخلاص والنصرة على الشيطان، عن طريق ابنه الوحيد الذي هو يسوع المسيح. 

لا أستطيع أن أتصور ذلك الحبيب في وسط عذاب شديد من أناس مملوكين لابليس اللعين.

احتمل الضرب والبصق والاهانة والجلد والسخرية والعري، وحتى الصلب على خشبة اللص الشرير. وكان راضيا بكل ذلك. لماذا؟ ولمن كل ذلك؟ من أجلي أنا الخاطئة الضعيفة ومن أجل كل بني البشر. ومع كل ذلك، كان آخر كلماته: (يا رب لا تقم لهم هذه الخطية.) كانت أعظم وأشرس خطية. 

كيف كان قلب تلك الأم المسكينة الحزينة التي كانت أحشاؤها تتمزق لعدم الرحمة والشفقة على وحيدها. كيف كانت نفسيتها المحطمة وهي ترى وتتبع الحبيب الصالح المحب الحنّان بينما كان يلاقي الكره والعذاب. كم تمنت لو أنها تتألم بدلا منه حسب قلب الأمهات. ولكنها رضيت وقبلت ورضخت لمشيئة الآب، وتذكرت ذلك الكلام الذي وجه لها قديما:”وأنت سيجوز في قلبك سيف” وأي سيف هذا؟ سيف المرارة والحزن. سيف خرق أعماق أعماق قلبها ألما وحسرة على وحيدها. اني أتخيل ذلك الموقف الصعب.

كيف تستطيع تلك الأم أن تستبدل وحيدها بشخص آخر؟ تفكر كيف يا ابني تسلمني الى يوحنا ليكون ابنا لي؟ 

أفكار تتضارب في رأسها، وصراع في أحشائها، وسيول دموع  كنهر على وجهها، وهي تتألم من مشهد ابنها الحبيب المرفوع على الصليب، عاري الجسد، منسحق الروح، مجرد من كل قيمة كاله. ولا حتى كانسان. جسده مغطى بالدماء، ورأسه مكلل بالشوك. تسائل نفسها: هل كل هذا ما تستحقه يا ولدي؟ ولكنها أدركت وقبلت مشيئة الله دون معارضة أو مباحثة. 

نعم يا أختي. كل ما حدث من أجل جميع بني البشر. ولكن ما أجمل وأعظم وأقدس النتيجة التي حصلت بعد ذلك. مع أنه مات، ودفن في قبر محروس من جنود عصاة قساة، الاّ أنه قام. نعم قام حقا. له المجد. يا لسعادتنا. المسيح قام منتصرا على قوات الخطية والشر، غالبا الموت بموته وقيامته. قام ليعطينا النصرة غلى الشكوك والخطايا. قام ليجعلنا نعيش بتلك النعمة العظيمة والمحبة الفياضة التي جعلته يبذل نفسه من أجلي ومن أجلك ومن أجل الكثيرين ومن أجل كل من يؤمن به بموته وبقيامته ليحصل على الحياة الأبدية. نعم. بدونه هلاك ومرارة، ولكن به حياة أبدية وسعادة دائمة. هناك في السماء لا موت ولا حزن ولا تنهد ولا مرض. بل هناك في السماء منبع الحياة والفرح، مركز التهليل والتسبيح. هناك جميع القديسين المفديين على حساب دمّ المسيح الذي سفك على الصليب. هناك في حضرة الآب العظيم المفديين برفقة الفادي الأمين القائم من الأموات. والذي سيأتي ثانية لاختطاف المؤمنين باسمه ودينونة الأشرار الرافضين. قال يسوع: “في بيت أبي منازل كثيرة أنا ذاهب لأعد لكم مكانا” لك مكان يا أختي. هل تقبلينه أم ترفضين؟ 

إنه مكان مجاني لا يكلفك شيئا. دفع ثمنه الحبيب يسوع بدمه الزكي الثمين. دمه أثمن من كل ذهب وجواهر العالم. بدونه لا أحد يستطيع الوصول الى ذلك المكان المعد لكل من يقبله مخلصا لحياته. تعالي يا أختي. ما عليك إلا أن تسلمي قلبك له، وتضعي حياتك في طاعته، وستكوني من الرابحين. هو يحبك وينتظرك. أسرعي له. 


انضمي إلينا اليوم وكوني جزءًا من مجتمعنا المتنوع! سجّلي الآن وأنشئي ملفك الشخصي للاستمتاع بفوائد عديدة وتجارب فريدة داخل موقعنا.

#الآم #الصليب #بلشي من هون #يسوع المسيح