أنا امرأة… لي نصيب الأسد من الضغوطات 

باب: نموي في الرحلة

الكاتبة: شيرين كرادشة

التاريخ: أكتوبر 5, 2024

“الكرّ والفرّ”، هو الكيفية التي بها تتعامل بها الكائنات الحية مع الضغوطات التي تتعرّض لها، فمثلاً لو تعرّض الإنسان لحيوان مفترس فإن هرمونات متنوعة ستفرَز  في دمه، وستزداد سرعة تنفسه وضربات قلبه وتتأثر عضلاته، كلّ هذا لينجو بنفسه. أما المرأة فلو تعرّضت لحيوان مفترس فهي لن تستخدم أسلوب الكرّ والفرّ فقط، ولكنها ستستعرض أثناء ذلك شريطًا سينمائيًا في ذهنها، والذي يشمل حماية أولادها، إطعامهم، ترتيب بيتها، توفر الطعام، ترتيب الأمور المالية، إنجاز الواجبات المدرسية، مواعيد الأنشطة اللامنهجية، واجبات متعلّقة بالعلاقات الأسرية وغيرها الكثير، كل هذا بينما تحاول أن تنجو بحياتها. قد يبدو هذا مضحكاً بعض الشيء، ولكنه أمر فعليّ، فالمرأة قد تعاني من تساقط الشعر، أو زيادة كبيرة في الوزن أو نقصان شديد فيه، أو اضطرابات في الدورة الشهرية أو كآبة أو آلام أو قرحة أو صعوبات في الإنجاب أو الرضاعة أو نوبات من الفزع المفاجئة………….. كلّ هذا بسبب الضغوطات، وفشلها في كثير من الأحيان في التأقلم معها. الضغوطات المتنوعة والتي لها أشكال مختلفة وتظهر في أوقات متنوعة وظروف متعدّدة. 

فإنني أقول: أنا امرأة…. ضغوطاتي متنوعة، متزايدة، مفاجئة، من الصعب ترويضها.

ترافقني في كل مراحل حياتي، وأجد نفسي عاجزة تماماً عن التعامل معها. يمكنكم أن تلمحوا هذا العجز بنظرة إلى جسمي الذي تكدّسه الدهون أو برؤية تفاصيل عظامي لو كان جلدي شفافاً، أو بنظرة سريعة إلى آخر نتائج فحوصاتي الطبية، أو بمقارنة سريعة بين ما أعمله الآن وتاريخ حياتي في الماضي، أو حتى بصورتين لي واحدة “قبل” وأخرى “بعد” والتي تفصل بينهما عدّة سنوات تمثل ذكرى زواجي.  

ضغوطاتي متنوعة، متزايدة، مفاجئة، من الصعب ترويضها: 
  • أنا من جانب، وزوجي وأولادي من جانب آخر. 

الزواج: مسؤولية جديدة، شخص مختلف، ارتباط، حاجة للتأقلم، نوع جديد من التواصل. 

الأطفال: مسؤولية كبيرة، نوم متقطع، مفاجآت غير متوقعة من ارتفاع الحرارة في منتصف الليل واتساخ الملابس في آخر لحظة قبل الخروج من المنزل، واجبات مدرسية ونشاطات لا منهجية. تنقلات متعدّدة وتضارب بين مواعيد الأولاد، احتياجات نفسية متغيّرة ومتنوعة، مرحلة المراهقة وما بها من تحدٍّ وصعوبة، متطلبات مالية بلا حدود، ثقل نفسي كبير وفكر مشغول بدون توقف. هذا على جانب أما على الجانب الآخر، فأنا أحتاج إلى نوم وراحة، أحتاج إلى وقت خاص بي أنا، أحتاج أن تكون لي السيطرة على برنامجي ووقتي، أحتاج إلى اشعور بالأمان مع روتين ونظام. أحتاج إلى استقرار. أتقطّع بين الجانبين، فأهلاً بالضغوطات. 

  • الماضي والمستقبل من جانب، و”الآن” من جانب آخر. 
الآن، هناك من يريد الحديث معي ومن يريد دعمي وسط ضغوطات عمله و”نكد” مديره أو الصعوبات التي تواجه استثماراته، أو قد أحتاج إلى التأقلم مع سفره الكثير.

والآن، لا بدّ من إعداد الطعام، وتجهيز المنزل، وحلّ النزاع بين الإخوة والأخوات. والآن، لا بدّ من مجاملة الجيران، وعمل الواجبات الاجتماعية فهناك من ينتقلون من عالمنا وهناك من يأتون له أطفالاً، وهناك من يمرض ومن يتخرّج والقائمة تطول. وعلى الجانب الآخر “أنا” ما كنت أفعله في الماضي، وما كنت أحلم به، والمستقبل وماذا سأكون، الكل يتحرّك ويتغيّر ويتطوّر وينمو وأنا أساهم في كل هذا. أما بعد، فماذا عني “أنا” وماذا سأكون في المستقبل؟ هل سيتجمّد مشهد حياتي، وأقف مجرد متابعة لنمو وتطوّر مشاهد الآخرين من حولي؟ فأهلاً بالضغوطات! إني أحاول التغلب عليها، فأتفرغ لأولادي وعائلتي، أو أبحث عن كياني في عملي، وفي كلتا الحالتين أجد نفسي مقصّرة سواء في حق نفسي أو حق عائلتي، ويغيب الشعور بالاكتفاء والحماس من حياتي. 

  • الجهاد من جانب والاستسلام من جانب الآخر 
القوام الرشيق والجسم الممشوق، الطعام الصحي، الرياضة، وقت خلوة مع الرب، قراءة الكتاب المقدس والكتب الروحية، دروس كتاب، وقت شركة مع المؤمنين، وقت قيّم مع الأصدقاء لإثراء العلاقات، إجازات.

كل هذا كان يأتي بسهولة وبشكل تلقائي وبدون أي جهد في الماضي، أما الآن فالجهاد. ماذا وبعد الحمل الأول وبعد بضعة سنتميترات هنا وهناك؟ وبعد الحمل الثاني والمزيد من الكيلوغرامات التي يصعب التخلّص منها. تغيّر مقاسات الملابس، والإصرار على ارتدائها، ومن ثم الاستسلام والبدء بتوزيعها وشراء المقاس الحقيقي الجديد. الرياضة، كيف مع كل هذا التعب، ومع رياضة قيادة السيارة لنقل الأولاد من مكان لآخر. ورياضة الجري خلف طفل السنتين المستكشف الصغير! الطعام الصحي، كيف ومع ضيق الوقت والذي معه يبدو أن الأسهل هو الحصول على وجبة سريعة من أحد المطاعم! فمع هذه الرغبة في الجهاد وعدم الاستسلام أقول أهلاً بالضغوطات. 

  • الأحلام من جانب والواقع من جانب آخر 
أحلم بشهر عسل جديد، أحلم بتطوّر مهني ورضا مديري وإعجابه بما أقوم به.

أحلم بعمل مستقل ومشروع استثماري أحقق به طموح وحلم طفولتي. وأحلم براحة جسدية وصحة نفسية واستقرار وبعض الساعات الإضافية من النوم. أحلم بشخص يفهمني ويستمع لمشاعري، وأحلم بعائلة لا تتدخل بخصوصياتي، أحلم بوقت أكثر مع عائلتي. أحلم بالدلال الذي كان لي عند أبي وأمي، وأحلم ببعض الدنانير الإضافية على ميزانية الرفاهية، أحلم بخصر أضيق ووزن أقل وملابس أكثر أناقة…… ولكن في الواقع أطفالي ما زالوا ينامون على سريري ويمنعون التلامس مع زوجي، ومديري يجنّ من كثرة تأخري وإجازاتي المرضية. وما زلت أتخبط في عملي، فتارة أقدّم استقالتي وتارة أتراجع عنها، وما زال ظهري يؤلمني والعروق تزداد في رجليّ. وأشعر أنني تزوجت بعائلة وليس بشخص، وما زلت أنظر بحسرة إلى الملابس التي اشتريتها في بداية زواجي. والميزانية ما زالت تعاني من عجز وتجاهد لما نسمّيه “راس بطاقية”. 

فما العمل؟ 

“وقتي” لا يعني أنا أنانية: خصصي بعض الوقت لك، ولو مجرد عشر دقائق. اعملي ما تحبين عمله وما تستمتعين به، ربما العزف أو القراءة أو شرب القهوة أو الحديث مع صديقة. لا تحرمي نفسك من هذا الوقت فأنت تستحقين أكثر من ذلك.  

“إجازة” لا يعني أنا كسولة:

حاولي أن تقضي وقتاً من الإجازة مع العائلة، قوموا معاً بما يجعلكم تقضون وقتاً ممتعاً معاً، ربما رحلة في الخلاء، أو الذهاب إلى البحر، أو التسوق، أو حضور فيلم، أو جمع الأزهار البرية، أو التسلق، أو زيارة دار أيتام أو عجزة، أو تناول الطعام في متنزّه خارج المدينة. حاولوا أن تكونوا خلاقين في البحث عن البدائل المتنوّعة.  

“مساعدة” لا يعني أنا عاجزة:

اطلبي المساعدة من زوجك، من عائلتك، من عائلة زوجك. هناك من يرغبون بالمساعدة ويستمتعون بها ويشعرون معها أنكم أكثر قرباً.  

“طعام وماء ورياضة ثلاثة لا تهمليها”:

حاولي أن تعبّري لنفسك عن أهميتها بمنحها الطعام الصحيح والماء اللازم والرياضة التي تنعش وتنشِّط الجسم. 

تذكّري فوق كل هذا أنّ القوة والمعونة تأتي من فوق، ارفعي قلبك للسماء واطلبي قوة في الجسد. اطلبي من أجل زوجك ومن أجل أولادك ومن أجل تحقيق رؤيا الله لحياتك. 


انضمي إلينا اليوم وكوني جزءًا من مجتمعنا المتنوع! سجّلي الآن وأنشئي ملفك الشخصي للاستمتاع بفوائد عديدة وتجارب فريدة داخل موقعنا.

#المرأة #بلشي من هون #ضغوطات