إعداد: شيرين كرادشة
تستيقظ مرام في الصباح الباكر، تحاول أن تحتسي قهوتها وهي ساخنة ولكنّها تفشل في كثير من الأحيان. فالبيت يمتلىء ضجيجًا خلال لحظات، وتتعالى الطلبات من حولها. تتناول العائلة طعام الإفطار في الوقت الذي ينشغل البعض في تصفّح آخر الأخبار العالمية أو قصص المؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي. وآخرون في العائلة يجرون لإتمام بعض الواجبات المتأخرة سواء للمدرسة أو للعمل. وفي لحظات من الفوضى والنشاط والصوت العالي يتحوّل المنزل إلى غرف فارغة تسودها بعض الفوضى.
وفي العمل تجد مرام مشغولة بإتمام المهام العالقة من اليوم السابق والتي حاولت إنهاءها في المساء ولكنّها فشلت في ذلك. ومهام أخرى أنهتها ولكنّ بسبب بعض التغييرات المفاجئة فكان لا بدّ لها أن تجري بعض التحديثات، بالإضافة إلى مهام اليوم المتنوعة، وبين تلك المهام جميعًا يتم دعوتها لاجتماعات مفاجئة تضيف إلى قائمتها المزيد من الأعمال. وسط كل هذا تجد أن مرام تنجز مهامًا متنوعة وفي وقت واحد، وعلى شاشة جهازها العديد من الشاشات المفتوحة بالإضافة إلى الكثير من الأوراق. ناهيك عن تلك المكالمات التي تقتحم تركيزها ورسائل الواتساب وبالأخص الصوتية الطويلة منها والتي تتطلّب منها قرارات متنوعة في مشاريع مختلفة من زبائن متنوعين.
ينتهي اليوم وتنتهي معه العديد من أكواب القهوة الفارغة أمام مكتبها لتجري إلى المنزل حيث قد وصل الأولاد وابتدأت مهمات أخرى جديدة. في كلّ مرّة تخرج من باب المكتب تتحسّر مرام على عملها السابق حيث كانت تعمل في شركة أجنبية مرموقة تشعر بالتقدير من كافة النواحي. ومع كل مرة تدخل المنزل تتحسّر على الأيام التي كانت تعيش في بيت والديها. حيث كانت في استقرار مالي كبير لا تهكل همّ فقدان وظيفتها أو وظيفة زوجها. وبين دخول المنزل والخروج منه ينشغل فكرها بمستقبل الأولاد ودراستهم وعملهم وتسرح بفكرها بعيدًا بذلك السيناريو الدرامي: ماذا لو أصابني مرض عضال ورحت طريحة الفراش؟ ماذا سيحصل للعائلة وكيف سيدبّرون أمرهم. وتتخيّل نفسها وهي تكتب وصيتها فيها تفاصيل ووصايا للجميع، ولكنّها تصحو فجأة على انسكاب القهوة على الغاز أو على صوت الهاتف… وتعود لعالمها الحقيقي.
كيف أعيش اللحظة وأستمتع بما أعمل الآن، دون أن أفكّر بالأمس أو الغد؟
فكما قال أحدهم: “ستمنحك الحياة الكثير إن تمكنّت من العيش في اللحظة الحالية فقط والاستمتاع بها.”
سنقدّم لك اليوم أربع نصائح بها يمكنك أن تستمتعي بيومك وتعيشي الحياة بملئها:
- لاحظي ما حولك وركّزي في ما بين يديك: نفقد المتعة في كثير من الأحيان لأننا نودّ أن نعمل أكثر من عمل بنفس الوقت. فمثلاً تجدين نفسك تتحدّثين مع صديقة وبنفس الوقت تتصفّحين هاتفك الخلوي، أو تتناولين الطعام وتحاولين الإجابة على بعض الرسائل الإلكترونية. لكنّنا ننصحك كي تتمكّني من الاستمتاع بما تعملين. وكي تعملي ما تعملينه دون توتّر بأن تركّزي في المهمة، وتجعلي ذهنك موجّهًا فقط نحو ما تعملين. فذلك التأمل بما حدث، والانشغال أو التفكير بما سيحدث أو بالخطوة التالية من المهمّة هو من أكثر ما يسبّب لنا التوتر. وهذا الانتباه الكامل هو أفضل ما نقدّمه لدماغنا. فالدماغ يحتاج أن يركّز ويرتاح كي يتمكّن من الإنجاز أكثر والإبداع، وبنفس الوقت الفرح والاستمتاع بما عمل ويعمل.
لا تتحسّري على الماضي، ولا تقلقي من المستقبل بل عيشي اللحظة بكل ما فيها. تعلّمي من الماضي، واعملي بجدّ اليوم، وانتظري المستقبل بترقّب. واستمتعي بحصولك على إجابة السؤال كيف أنسى الماضي وأتقدّم للأمام.
- واجهي يومك بابتسامة، وقابلي حياتك بامتنان، وتقبّلي ما تعملين بحبّ: فمثل هذه المواقف ستجعلك أكثر استمتاعًا بالحياة. فإن ابتسامتك وعملك على إرخاء عضلات وجهك ستمنحك شعورًا مريحًا وستقود جسمك وفكرك ومشاعرك لتقليل مستوى توتّرها. فابتسمي حتى لو كنتِ لا ترغبين بذلك، جرّبي ذلك الآن. بمجرّد رسم ابتسامة صغيرة جدًا على شفتيك سيقودك لابتسامة أكبر على شفتيك وبعدها ستنعكس على أعماقك.
أما الامتنان فهو ترياق النكد كما أسميه. فعندما تقدّرين ما عندك وما أنتِ فيه وكل ما أغدقت به السماء. وما منحك الله من نعم فأنت تعلنين استمتاعك بها، وهذا يعني أنك تستمتعين بالحياة وتعيشين لحظاتها بفرح. وهذا الإعلان يكون نابعًا من أعماقك وناتجًا عن موقفك القلبي وليس مرتبطًا أو مشروطًا بظروف معيّنة.
وفي كل ما تعملين أنت قادرة أن تحبّي ما تعملين. ركّزي على ما تعملين وانظري إلى المعنى من ورائه والفائدة المرجوّة منه لكِ أو لغيرك. عندما تدركين مدى أهمية وروعة ما تعملين، فبالتالي يمكنك أن ترفعي مستوى استمتاعك بالحياة.
- طوّري منظورًا جديدًا للحياة، بحيث تفكّرين بالحلول أكثر من القلق والتوتر بشأن المشاكل. وهذا يعني توجيه كل طاقتك للبحث عن الحلّ. وعدم إضافة توتر لحياتك بالقلق والتوتر من نحو المشكلة التي حدثت، فهي حدثت ولا يمكن إعادة الزمن أو عكس حدوثها، ولكن يمكنك التفكير بحلّ لها.
وكذلك تقبّلي الأمور كما هي وليس كما تريدين أن تكون، وهذا لا يعني أنك لا تسعين إلى التغيير. بل يعني أنك تشعرين بالراحة في الوضع الذي أنتِ فيه. وتسيرين بخطى نحو التغيير دون الشعور بالتوتر رغبة بذلك التغيير الآن وعدم الرضا عمّا أنتِ فيه.
- عيشي الحياة بملئها: فأبسط الأمور التي يمكنك أن تشعري معها بجمال الحياة هي الضحك. اضحكي من قلبك، واشعري بالراحة بأن تضحكي حتى لو على نكتة بسيطة. واستمتعي بتشغيل حواسّك بتذوّق الطعام وشمّ رائحة القهوة اللذيذة، فكلما جعلت وتيرة حياتك أبطأ فإنك تتيحين لنفسك مساحة أوسع للاستمتاع. استثمري وقتك مع الأشخاص الذين تحبينهم والذين يلهمونك وتجنّبي تلك العلاقات السامة السلبية المسيطرة وقلّلي وقتك معهم قدر الإمكان. ولا تنسي أن التنفس العميق وبعض الرياضة والكثير من الماء والطعام الصحّي وتقليل وقت الشاشات هي من أهم الأمور التي تمكّنك من الاستمتاع بالحياة.