الأبرص الذي عاد وشكر

باب: نموي في الرحلة

الكاتب: معاوية هلسة

التاريخ: ديسمبر 1, 2024

قلبي كان مليان بالامتنان

(إنجيل لوقا 17: 11-19)

كان الموتُ أسهل من ذلك الحكم الذي صدر عليَّ بترك عائلتي وأصدقائي والانعزال حتى وفاتي في مكانٍ موحشٍ وبائسٍ بسبب إصابتي بالبرص.

انتقلتُ إلى ذلك المكان وكان وضعي يزدادُ سوءًا كل يوم. كنتُ أرى اللحم يتساقطُ عن يديَّ ووجهي، وكانت رائحةٌ كريهةٌ تصدرُ عن جسدي (لعلَّه بسببها كان يتمُّ عزل المُصاب بالبرص؛ لأنها كريهةٌ جدًّا). لكن من عناية الله بي أنه رتَّبَ لي وجود أشخاصٍ آخرين معي، تقاسَمنا مصيرنا المشتركَ معًا. كانوا تسعةً من اليهود وكنتُ أنا الوحيدُ من السامرة. لقد استطاع مرضُ البرصِ أن يوحِّدنا في حين أنَّ الجغرافيا والسياسة فرَّقتانا. كنا نقضي الوقت معًا نتشاركُ الحياة والمصير المحتوم معًا.

ذات يومٍ، تناهى إلى مسامعنا أنَّ يسوع المعلِّم صانع المعجزات العظيمة يجتازُ في القرية التي كنا موجودين فيها، فأدركْنا أنَّ الفرصة الوحيدة لإنقاذنا قد جاءت إلينا. ولأنَّنا أدركنا أنَّ حياتنا متعلِّقة بيسوع الذي طالما سمعنا عنه، صرخنا جميعنا صرخة رجلٍ واحدٍ “يا يسوع يا معلِّم، ارحمنا!”

أحسستُ أنَّ دهرًا طويلًا مرَّ علينا قبل أن ينظر يسوع إلينا.

ويقول: “اذهبوا وأروا أنفسكم للكهنة”. لم أصدِّق ما سمعَت أذناي، وانطلقتُ مع رفقائي التِّسعةُ الباقين كما أمرنا يسوع. ابتدأتُ أفكِّر في نفسي متسائلًا: لماذا لم يشفنا أوَّلًا ثم يأمرنا بالذهاب؟ كيف أذهبُ لأُري نفسي للكاهن وأنا سامريٌّ، محتقَرٌ من اليهود ومحرّمٌ عليّ دخول الهيكل؟ هل أستمرُّ في المسير؟ هل كان يسوع يعرفُ أنني سامريٌّ؟ وإذا كان يعرفُ، ألا يعرفُ المصير الذي سوف أواجهه لو أنّي دخلتُ الهيكل؟

بالطبع يعرف يسوع كل هذه الأمور، فنحن صرخنا إليه طالبين رحمةً، وهو أمرنا بالذهاب إلى الكاهن لأنه عرف أننا مصابون بالبرص ولم يُخبره أحدٌ. وضعتُ هذه التساؤلات جميعها جانبًا وانطلقتُ، لم يكن لديَّ خيار آخر إلا أن أطيع. وفيما أنا ذاهبٌ لاحظتُ أنَّ الرائحة الكريهة ضعفت بل تلاشت، نظرتُ إلى يديَّ، لم أصدِّقُ ما رأته عيناي. هل أنا أحلُمُ؟ لقد عاد اللَّحمُ إلى يديَّ وقدميَّ أيضًا واختفَت كلُّ آثار البرصِ البغيضة؟

توقّفتُ عن المسير بينما تابع رفقائي المسير، لم يلحظ أحدٌ منهم أنني توقفت. قرَّرتُ العودة إلى حيثُ تقابلتُ مع يسوع، خفتُ ألا أجده لكنني وجدته. وقعتُ على وجهي عند قدميه ورفعتُ صوتي بالشكر له على ما صنعه لي.

تعجّبَ يسوع من موقفي، ولكنه استغرب أنني الوحيد الذي عدتُ لأعطي مجدًا لله مع أنني سامريٌّ غريبُ الجنسِ، في حين لم يفكِّر أيٌّ من التسعة الباقين الذين شفاهم يسوع أن يعود ليمجِّد الله.

ليس أنني فقط طهرتُ وشُفيتُ، لكنَّ سلطان يسوع وكلماته كانت ذات وَقْعٍ كبيرٍ على حياتي حين سمعتُه يقول: “قُمْ وامضِ، إيمانُك قد خلَّصكَ”.

لقد طهَّرني، وشفاني، وخلَّصني.

كلمة لكِ

ما أسرعَنا في الطلب من الله أن يسدِّد احتياجاتنا، ولكن بعد أن يهبنا الله ما طلبْنا، ننسى فنشكر الآخرين وننسى أن نشكر الله ونمجِّده.

لا تنسي أن تباركي الله لأجل كل حسناته، فهو مصدر كل البركات التي تتمتَّعين بها.


انضمي إلينا اليوم وكوني جزءًا من مجتمعنا المتنوع! سجّلي الآن وأنشئي ملفك الشخصي للاستمتاع بفوائد عديدة وتجارب فريدة داخل موقعنا.

#الابرص #بلشي من هون #شفاء #طهارة