8 نصائح و4 خطوات لتطوير مهاراتك

إعداد: شيرين كرادشة 

كانت من المتفوِّقين في الثانوية العامة، وتخرَّجت من الجامعة على مرتبة الشرف، وعملت فور تخرُّجها. كانت ماهرة في الطباعة على الآلة الكاتبة وأول مَن ينجز التقارير بدقة متناهية، كما وبرعت في استخدام الفاكس وتحويل المكالَمات بين المكاتب. في الاجتماعات الإدارية أبدعت في شرح المشاريع الجديدة، وكانت مسالِمة مع زملائها، ومديرها المباشر كان يحلّ جميع المشاكل، ويوجّه جميع الموظفين بأوامر ومهمات واضحة محددة. 

ما حدث معها شيء غريب للغاية فقد عادت من العمل متعَبة جدًا، تناولت طعامها وشربت كوبًا من اليانسون، ثم غطَّت في نوم عميق، شعرت وكأنها في عالم آخر. استيقظت وهي تشعر بآلام شديدة في المفاصل وصداع، ولكنَّها شدَّت جسمها ونهضت بصعوبة. ارتدت ملابسها وخرجت إلى الحياة، وهناك كانت المفاجأة. 

رأت عالمًا مختلفًا، ما هذه الأجهزة التي يحملها الجميع بين أيديهم وهم مشغولون بها كل الوقت؟ باب الشقة والمصعد والسيارة، كل شيء بدا مختلفًا، كل شيء يعمل من خلال الأزرار، والبعض منها من خلال كلمات ينطقها الناس. قرَّرت الذهاب إلى العمل، عالمها الذي تُبدع فيه، وهناك كانت مفاجأة أعظم تنتظرها.

رأت الجدران عبارة عن شاشات تعرض أفلامًا عن أعمال الشركة، ورأت أنَّ المساحات الفارغة كبيرة وأنَّ كل تلك الأجهزة التي اعتادَت عليها قد اختفت. “ما هذا؟ أين مكاني؟ أنا انتهيت! كل ما أعرفه وما أتقنه وما تعبت في تحقيقه يبدو وكأنه بخار قد اختفى! صرخت تلك الصرخة العالية ثم نهضت من النوم.

كان حلمًا مرعبًا ومخيفًا، ولكنّه عزيزتي قد يكون واقعي وواقعكِ إن بقينا مكاننا دون أن نسعى إلى تطوير مهاراتنا. فالعالم في تغيُّر مستمر، وسوق العمل في تطوُّر دائم، وإن بقينا كما نحن لن يكون لنا مكان. لذا فإننا في هذه المقال سنتحدَّث عن أهمية المهارات ولماذا من المهم أن نطوِّرها، وما هي الخطوات العملية لعمل ذلك. كل هذا كي لا تصرخي تلك الصرخة، بل يصرخ العالم وراءك راغبًا في أن تقدِّمي له الجديد الذي تعلَّمتِه وما أتقنتِه من مهارات.   

ما هي المهارات؟ 

المهارة هي القدرة والتمكُّن من إنجاز مهمة أو عمل أو نشاط معيَّن بمستوى عالٍ من المهنية، وبدقة وكيفية معيَّنة. وتُعتبَر المهارة قدرة شخصية تختلف من شخص إلى آخر من حيث الإتقان. إلا أنها ليست ثابتة بل يمكن تنميتها. المهارة لا تأتي بدون جهد ولكنَّها تحتاج إلى ممارسة والتزام وجدٍّ واجتهاد، كما وتحتاج إلى تطوير ونموّ مستمرَّين. وتُعتبَر المهارات جزءًا من الطيف الأكبر وهو الكفاءة، فمهاراتك تعتبَر الجانب العملي من كفاءتك. فإن أردتِ رفع مستوى كفاءتك عليكِ أن تعملي بجدٍّ واجتهاد على تطوير مهاراتك. 

فرغم التشابه بين الكفاءة والمهارة، إلا أنَّ هناك اختلافًا من عدة أوجه، فمعرفة الشخص لمهارة أو عدة مهارات لا تضمن تطبيقه لها بشكل سليم، أما الكفاءة فهي تضمن تمكُّن الشخص من المهارات واستخدامها بشكل ذكي.

ومن الأمثلة على المهارات: التواصل الفعّال وإدارة الوقت وإدارة الأزمات. 

لماذا التركيز على تطوير المهارات؟ 

أنتِ تعيشين في عالم يتغيَّر باستمرار، وإن لم تسيري مع هذا التغيير، فسينتهي بك الحال بأن تفقدي مكانك في سوق العمل أو تأثيرك في المجتمع. لذا فمن المهم أن تسعي إلى تطوير مهاراتك، فهذا: 

ما أنواع المهارات؟ 

هناك نوعان من المهارات وهي: 

المهارات الصلبة (الجوهرية أو التقنية) hard skills وهي المعرفة والمهارات التقنية المرتبطة مباشرة بما تعملينه، مثلًا: الكتابة أو الطبخ أو البرمجة وغيرها. 

المهارات الناعمة (الشخصية) soft skills وهي مهارات التعامل مع الآخرين، مثل: التواصل ومهارات حلّ المشاكل واتخاذ القرارات. 

وسنركِّز في هذه المقالة على المهارات الشخصية وهي: 

  1. مهارات قيادية: وهذه المهارات تشمل قيادة الأشخاص، وهي لا ترتبط فقط بكون الشخص في مركز قيادي، ولكنّها تعتمد بشكل كبير على شخصية الفرد. فإن كنتِ تمتلكين مهارات قيادية، فهذا يعني أنَّ لكِ أهدافًا ورؤية، وأنَّك تعملين على تعليم وإرشاد وتحفيز الآخرين، وكذلك بناء الفريق والعمل على سهولة الترابط فيما بينهم. 
  2. مهارات العلاقات مع الآخرين: وهذه تشمل التعاطف والشعور مع الآخر بأن تضعي نفسك مكانه، والاستماع، والإيجابية ورؤية الأفضل وسط جميع المواقف والظروف، وقبول النقد بصدر رحب، وتقديم الانتقاد بشكل إيجابية، والتعامل مع الآخرين بدبلوماسية. 
  3. مهارات التواصل: وهو يشمل التواصل الشفهي وغير الشفهي. التواصل الشفهي يشمل الدقة والوضوح في إيصال المعلومات وتقديم التقارير والرسائل المتنوعة، أما التواصل غير الشفهي فهو يشير إلى الإشارات التي تنقلينها من خلال لغة الجسم وتعابير الوجه والحالة العاطفية التي تنشرينها أينما تكونين. 
  4. مهارة حل المشاكل وقت الأزمات: وهي القدرة على التعامل مع المشاكل والتحديات التي تواجهك، مع تفادي أو تقليل الخسائر. وهذا يشمل تحديد المشكلة والبحث عن حلول واختيار الحل المناسب وتطبيقه، ثم الحصول على تغذية راجعة إن كان الحل مناسبًا. 
  5. مهارة إدارة النزاعات بين الأشخاص: وهذا بالطبع يشمل فهم نفسيات الآخرين والكثير من صنع القرارات. أهم ما في هذه المهارة هو أن لا تكوني مَن يسبِّب النزاع، وهي تشمل تخلّيكِ عن فكر المنافسة وفلسفة ربح- خسارة بحيث تسعين إلى إيجاد أرض مشترَكة وتستخدمين التفاوض لتصلي إلى أن يكون الكل رابحًا. 
  6. العمل مع الفريق: وتشمل التعاون والترابط والتشبيك مع الآخرين والقدرة على العمل مع أشخاص متنوعين لإنجاز مهمة وتحقيق هدف مشترَك في تناغم وانسجام. 
  7. مهارة المرونة والتأقلم: وهي مهارة مهمة للغاية، فمن خلالها تتمكَّنين من التعامل مع المتغيرات دون أن تنهاري تحت ثقلها. فالانفتاح للتغيير والوعي الذاتي والتأقلم مع المتغيّرات والتعامل مع الأمور غير المؤكَّدة تمكِّنك من تطوير هذه المهارة. 
  8. أخلاقيات المهنة: وهي مهارة مرتبطة بشكل كبير بالمواقف الداخلية، وتشمل الدافعية الذاتية أو الحافز الذاتي النابع من الشخص نفسه وبرغبة منه، وروح المبادرة والاجتهاد والثبات والالتزام بالمواعيد النهائية دون انتظار الحافز الخارجي أو التقدير والمكافأة، أو حتى خوفًا من العواقب أو العقاب في حال لم يفعل المطلوب أو الواجب.

أما بالنسبة إلى المهارات الصلبة، فتعتمد على نوعية العمل، وعليكِ أن تعرفي المهارات المطلوبة للعمل الذي تودّين عمله، وهذه المهارات في العادة تحتاج إلى دراسة متخصِّصة سواء كانت رسمية أو بشكل فردي شخصي، وقد تكون وجاهية أو من خلال الإنترنت. كما ويمكن تطويرها من خلال دراسات مبرمَجة مُحَدَّدة أو غير مبَرمَجة. 

ما هي المصادر التي يمكن من خلالها تطوير المهارات؟ 

– التدريبات والدورات والورشات: فإذا كنتِ تعملين في وظيفة ثابتة، فاعتبري أي دورة أو محاضرة أو ورشة يتم فرضها عليك أو ترك الخيار لكِ لأخذها فرصة لك لتطوير مهاراتك. فكلما شاركت في تعلُّم ما هو جديد، فهذا سيقودك في خطوات متقدِّمة في مسيرتك المهنية. فهناك أشخاص بدأوا بتعلُّم مهارات منذ فترة، وأصبحوا حاليًّا من المتقدِّمين؛ لأن تلك المهارات أصبحت مطلوبة جدًّا. وكم من أشخاص طوّروا مهارات كانت تستهويهم، وأصبحَت فيما بعد مصدر دخلهم ومجال عملهم! 

أما إن كنتِ لا تعملين في وظيفة ثابتة، فأمامك المزيد من الفرص للاشتراك في دورات وورشات وتدريبات بحسب مواضيع اهتمامك، وبحسب ميزانيتك مع العلم أنَّ هناك الكثير من الورشات المجانيَّة. وكونك غير مرتبِطة بوظيفة، فهذا يجعل الفرصة أمامك أفضل للمشارَكة بالطبع إن تمكَّنتِ من إيجاد طرق لرعاية أطفالك أثناء غيابك إن كان لديك أطفال صغار. 

قد تختارين مجالات عملية أو علمية أو مهارات يدوية كصنع الحلويات أو الطبخ أو الخياطة أو البرمجة أو الرسم أو الأداء الصوتي، فهناك بحر واسع أمامك يمكنك أن تستقي منه كما تحتاجين وكما ترغبين:

-ورشات ومساقات دراسية ودورات على الإنترنت: أعتقد أنَّ الاستثمار المادي في التعلُّم والدراسة هو استثمار جيد، فما تتعلَّمينه اليوم هو إضافة إلى سيرتك الذاتية. تذكَّري أيضًا أننا في الوقت الحالي نعيش في ثورة معلوماتية علينا استثمارها والارتفاع مع تلك الموجة. فالمعلومات المجانية هائلة والإنترنت هو بحر كبير من المعلومات قادر أن يُشبع شغف ورغبة أيٍّ منا إلى تعلُّم مهارة جديدة. فكمّ المقالات والكتب وفيديوهات اليوتيوب كبيرة، يمكنك الغوص فيها وتعلُّم ما تريدين. ولكن لا تغفلي التحقُّق من مصداقية مواقع الإنترنت، واختاري تلك التي تتمتَّع بالمصداقية ومعروفة المصدر وواضحة التوثيق. 

-الكتب والدوريات والمصادر المطبوعة: هناك الكثير من المكتبات العامة التي يمكنك الاستفادة من مصادرها من الكتب والدوريات، فوجود الإنترنت لا يغنينا عن الإمساك بالكتب بين أيدينا والاستمتاع برحلة القراءة والمعرفة. كما يمكنك شراء الكتب أو استعارتها من الأصدقاء أو مبادلَتها معهم بحيث تتَّسع دائرة كتبك دون حاجتك إلى شراء كتب جديدة. 

ما هي الخطوات العملية لتطوير مهاراتك؟ 

المتاح أمامك كثير، والوقت ربما يكون محدودًا، لذلك عليكِ أن تعملي بذكاء، وتطوِّري خطة محكَمَة في مجال نمو مهاراتك، فكيف يتمُّ ذلك؟   

  1. عمل بحث سريع من خلال سؤال الأشخاص المقرَّبين منك، والبحث عبر الإنترنت، والتفكير بما تقومين به في الوقت الحالي، والنظر إلى الاحتياجات والفرَص المستقبلية للخروج بأهمِّ المهارات التي تحتاجين إلى تطويرها. يمكنك كذلك إيجاد استطلاعات عبر الإنترنت تساعدك في معرفة نقاط ضعفك، وخاصة من ناحية المهارات الشخصية والتي أنتِ بحاجة إلى تطويرها. 
  2. حدِّدي هدفك وما المهارة التي تودّين تطويرها، ثم حدِّدي الوسائل التي تستخدمينها، وكذلك الوقت لإتمام ذلك. ولا بدَّ من وجود ذلك في برنامجك وإلا فلن تحقِّقي هدفك. 
  3. جدي طريقة تنالين بها تغذية راجعة لمراقبة مستوى تطوُّرك في المهارة، قد يكون من خلال عمل اختبارات معينة أو الحصول على شهادات أو عمل مشاريع أو طلب استشارة متخصِّصين. 
  4. ابحثي عن فرص لتطوير المهارات التي بدأتِ بتعلُّمها من خلال فرص عمل، أو تطوّع، أو تدريب. استثمري الفرص حتى لو كانت بهدف مساعدة الآخرين دون أي دخل مادي. فكل هذه الفرص ستساهم في تطوير مهاراتك التي لا بدَّ أن تتيح لك فرصًا أفضل في المستقبل. 

اعلمي أنَّ رحلة تطوير المهارات طويلة وتبدأ خطوة خطوة. استغلّي الفرص المتاحَة أمامك لتكوني في نمو وتقدُّم وتطور، فهذا ما يحتاج إليه العالم وسوق العمل كذلك. ونُذَكِّرك أنَّ هناك صرخة أقوى من صرخة الفتاة التي ذكرنا قصَّتها في البداية، وهي صرخة المعلومات المحيطة بنا والموجودة في عالم الإنترنت الواسع.

أدعوكِ أن تستغلي ذلك الهاتف الذي بين يدَيكِ بتعلُّم مهارات جديدة، فبدلًا من التشتت ومتابعة أخبار وسائل التواصل الاجتماعي، وبدلًا من أن يكون ما تعملينه هو ردود فعل لما يُقال ويُنشَر، كوني المبادِرة وابحثي عن كتب أو مقالات أو فيديوهات أو مساقات لتعلُّم وتطوير مهارة جديدة. 

هل تريدين تطوير مهارة الكتابة أو حل المشكلات أو التواصل أو حتى البرمجة أو صنع الحلويات؟ هناك الكثير.

اختاري ما هو مناسب لك وما يميِّزك، ولا تختاري أيَّ شيء مُتاح بل اختاري ما هو متاح ومتناسب مع قدراتك ورغباتك واهتمامك. 

والآن فكِّري بشيء محدَّد ترغبين بتطويره. ابحثي عن كتاب مناسب لتقرئيه، أو قناة على اليوتيوب لمتابعتها، أو صديقة تعمل على إرشادك ومساندتك. أشجِّعك في هذه اللحظة أن تفكِّري بعمق وتضعي في ذهنك 3 مصادر على الأقلّ: شخص وكتاب وموقع إلكترونيّ. 

ابدئي الآن! وبالتوفيق والنجاح. 

المراجع: 

The balancecareers.com 

Age5.com