هل تصرخين أعطوني حريتي؟

إعداد: بسمة قموه

يختلط عادة مفهوم الحرية بين الأهل والأبناء من حيث المطلب الحق للأبناء والواجب المطلوب من الأهل. وإلى أي حد يستطيع الأهل أن يثقوا في عدم استغلال أبنائهم الحرية بشكل متسيِّب ومسيء نتيجة الانفتاح الزائد ودخول ثقافات مختلفة معظمها لا يتناسب مع مجتمعاتنا المحافظة؟ وينشأ الطفل على ما يعوِّده عليه الأهل. ويعتاد على نظام معين في التعامل، وما إن يدخل مرحلة المراهقة حتى يصطدم ببعض الممنوعات المفاجئة وخصوصاً الفتاة. فتجد نفسها هدفاً للمراقبة من قِبل جميع أفراد الأسرة، والعكس صحيح مع أخيها الذكر الذي لا يعاني من نفس المشكلة. بل  يشترك هو أيضا في مراقبتها حتى لو كان أصغر منها!

وتدور معظم نقاط الخلاف بين الأهل والفتاة على موعد العودة إلى المنزل. ويختلف هذا الوقت من عائلة لأخرى، فتعتبر بعض العائلات أن الساعة العاشرة هي الموعد الأقصى للعودة إلى المنزل، بينما تعتبر عائلات أخرى أن الساعة السادسة مساء هي الموعد النهائي المسموح به. وهناك أيضاً قيود على اختيار الملابس والتدخل حتى في ألوانها، وقيود على نوعية الصديقات اللواتي تختارهنّ الفتاة. ونوعية النشاطات التي تستطيع ممارستها، فقد يمنع بعض الأهل خروج الفتاة مع صديقاتها لأي مكان، ويكتفون بالسماح لها باستضافتهنّ في المنزل فقط. ويتدخل بعض الأهل في التخصص الذي تختاره الفتاة لإكمال تعليمها الجامعي أو مكان عملها. وقد تصل قيود الأهل إلى اختيار الزوج للفتاة دون الأخذ برأيها، وهنا تأتي الصرخة المدوّية.. أعطوني حرّيتي!

لقد تمّ سؤال مجموعة من النساء عن رأيهنّ بالطريقة التي عوملن بها في صباهنّ قبل الزواج؟

فكان البعض يثنين على الرعاية الزائدة وجاء أحد التعليقات كالآتي: لقد أدركت بعد أن نضجت وأصبحت أماً أنّ أهلي كانوا على حقّ عندما عملوا على حمايتي من جهلي وتسرعي وقلة درايتي بالحياة. وهذا ما انعكس عليّ إيجابياً في مستقبلي حيث انقضت هذه الفترة بأقل الخسائر. مع أنني كنت أعاني وقتها من تضييق الخناق عليّ. وورد تعليق آخر: لا يمكنني أن أعمل مع ابنتي ما كان يعمله أهلي معي لأنني لم أستطع أن أدرس التخصّص الذي كنت أرغب به، وحُرمت من الكثير مما تقدّمه الحياة الاجتماعية نتيجة تدخّلهم الزائد في صداقاتي وعلاقاتي.

ونحن نقول إنّ هناك فرقاً بين الحرية والفوضى وبين المسؤولية وعدم الانضباط. فالكثير من الحرية يؤدي إلى الانحراف والتورّط في أمور كان يمكن الاستغناء عنها. فخوف الأهل يكون في كثير من الأحيان في مكانه الصحيح نتيجة التسيّب الذي أصبح سمة هذا العصر، والمخاطر الاجتماعية التي تحيط بأولادهم في حالة تركوهم بمطلق الحرية ودون مساءلة.

لذلك حاولي عزيزتي أن تصادقي أهلك وتكسبي ثقتهم عن طريق خياراتك الصحيحة سواء في صداقاتك أو نشاطاتك. وحافظي على الصدق والجدية في أمورك الخاصة. فبهذا تستطيعين أن تكسبي احترام من حولك وتخففي الرقابة القهرية عليك، ولا تستائي من رعاية أهلك لك، فلا يوجد دافع عند أيّ والدين سوى الحبّ والحرص. ولكن إذا لاحظت جهل الأهل في هذا الموضوع وأنهم يؤدّون دورهم بتطرّف زائد. فما عليك سوى بالمبادرة إلى توعيتهم والتكلم معهم من حين لآخر والدخول إلى عالمهم لتعطيهم الطمأنينة والثقة من ناحيتك.