لماذا أجد نفسي رخيصة في عيون نفسي، ولماذا لديّ نظرة متدنيّة لنفسي؟

الجزء الأول من الصعب على الإنسان أن يرى نفسه رخيصًا أو ذا قيمة متدنيّة، إنه شعور مؤلم. فحاجة الإنسان لتقدير الذات تعتبر حاجة أساسية، وهي تتشكّل من عدّة عوامل مثل خبراته السابقة في الطفولة والبيئة التي نشأ فيها. فهي تشكّل المرآة التي يرى بها الإنسان مَن هو ويدرك قيمته، هذا ما نسمّيه الصورة الذاتية. فإن خبرتنا مع والدينا أو مَن قاموا بهذا الدور، سواء في تعاملهم معنا وتواجدهم العملي والنفسي للتجاوب وتلبية حاجاتنا الإنسانية الأساسية من طعام ومأوى وصحّة بالإضافة إلى المحبّة والقبول والدفء النفسي والتقدير والأمان وغيرها، تعتبر عاملا ً أساسيًا في تشكيل هذه الصورة.

فعلى سبيل المثال إذا تمّ تجاهل إحدى هذه الحاجات أو لم يتم تسديدها بشكل كافٍ للطفل، إو إن نشأ الطفل في بيئة غير آمنة فيها يتعرّض لأحد أنواع التعنيف سواء الجسدي أو النفسي. أو إن تعرّضت العائلة مثلاً لظروف صعبة أثّرت عليها بشكل جوهري ولم يتم مساعدة الطفل ودعمه في مثل هذه الظروف. مثل تلك الخبرات يفهمها الطفل ضمنيًا وبطريقته الطفولية إنها متعلّقة به، وإن ما يحدث هو بسببه، وذلك لأن قدراته الذهنية لم تنضج بعد.

فعلى سبيل المثال عدم قيام الوالدين بالاحتضان الجسدي للطفل خاصّة في سنواته الأولى يجعله يفهم، سواء بطريقة واعية أو غير واعية، بأن أهله لا يحبّونه كفاية. أو مثلًا عدم قضاء الأهل الوقت الكافي مع الطفل وتواجد أحد أو كلا الوالدين لفترات طويلة بعيدًا عن المنزل للعمل قد يُترجَم من قبل الطفل بأنه غير مهمّ كفاية ليقضوا معه الوقت. أو لو تعرّض الطفل لأحد أنواع العنف فسيترجَم بالنسبة له إنه إنسان سيء ولا يستحق. يؤدّي تكرار هذه الخبرات وتراكمها إلى تشكيل صورة ذاتية دونية وسلبية فيها يرى الإنسان نفسه سيئًا أو رخيصًا أو غير كافٍ بحسب طبيعة الخبرة التي عاشها