توكيد الذات والشعور بالأهمية

إعداد: هاني شحادة

ترجمة نيفين منصور

هل شعرت يوماً بالحاجة الملحة والاشتياق لتوكيد ذاتك وإثبات وجودك؟ هل تحبين أن تشعري وتتأكدي أن وجودك مهم ويشكل فرقاً في هذه الحياة؟ والأهم من ذلك هل تعتقدين أن لديك المصدر الذي يشبع لك هذا الشعور؟

إن كانت إجابتك نعم فلا تقلقي.

فهذا لا يدل على اضطراب أو ضعف في الشخصية. فالرغبة الشديدة لتوكيد الذات وإثبات الوجود أمر عام وعالمي وينطبق على كل البشر مهما كانت الاختلافات. فلكل منا هدف أساسي في هذه الحياة وهو بأن نثبت وجودنا وأن نشعر أنه يشكل فرقاً وأهمية. كما وأن لكل منا طرقه الخاصة للحصول على توكيد الذات. ومن لا يستطيع تحقيق ذلك بمفرده فإنه حتماً سيبحث عن مصدر يشبع له هذه الحاجة.

وتتنوع المصادر التي نستمد منها توكيدنا لذواتنا ووجودنا. فبالنسبة للأطفال فإن أهم مصدر لإشباع حاجاتهم للشعور بالأهمية والثبات هم الأهل. حيث أنهم المرآة التي يرون أنفسهم من خلالها ويرون العالم أيضاً وهذا ينطبق على كافة الأطفال. أما بالنسبة للكبار فإن خياراتهم بهذا الشأن أوسع نوعاً ما. نظراً لظروف وحالات قد لا يكون بها المصدر الأساسي موجوداً كالأب والأم والزوج والأولاد، فيبدأون بالبحث عن بدائل أخرى لإشباع هذه الحاجة كالمهنة أو الثروة أو أية انتماءات أو أعمال خيرية وتطوعية يقدمونها للغير.     

لكن هل تظنين أن ذلك كافٍ، أو بأنه كفيل بتحقيق وإشباع الرغبة القوية للشعور بالأهمية بالشكل الصحيح والمُرضي من دون أن يكون مصدرنا الأساسي لذلك هو الله؟

ربما تكونين قد عشت حياة تخلو من أي مصدر لتوكيد الذات وإثبات الوجود. وأنه ليس حولك من يقر ويعترف بأن وجودك ذو معنى وأهمية في هذه الحياة، ربما كان أحد والديك مدمناً أو أساء إليك في الطفولة بطريقة جعلتك تفقدين الثقة بنفسك. أو أن أهلك لم يستطيعا منحك ما قد حرما منه في طفولتهما أو أن أحد والديك أو كلاهما قد رحل قبل الأوان، أو أنك كنت متبناة ولم تحصلي على الاهتمام الكافي.

مهما كانت الآلام التي تعرضت لها والتي جعلتك تنقصين من قدر نفسك وتفقدين معنى وهدف وجودك، فإنني أريد أن أخبرك بأن ثمة من يكترث فعلاً لأمرك.

فالله يهتم بك ويعترف بوجودك لسبب معين في هذه الدنيا.  كما وأنه ينتظر أن تطلبي منه أن يكون هو مصدرك الأول والأخير لإشباع حاجتك بتوكيد الذات وإثبات الوجود. وما عليك إلا أن تهرعي إليه كل صباح وتخبريه كم تبدو الحياة مظلمة بالنسبة لك وبأنك تتوقين إليه وتعلنين حاجتك إليه بأن يزيل هذه الظلمة. أخبريه بكل ما يجول في خاطرك وبكل مشتهيات قلبك بكلماتك الخاصة بدون أن تقلقي من أن تخطئي. فحتى الكلام غير المفهوم هو كالموسيقى بالنسبة لأذنيه. وبذلك تكون لك ضمانة بأن أباك السماوي يعترف بوجودك بشكل لا يصدق وبأنه يستمع لكل ما تقولينه له، ويؤكد لك كل احتياجاتك وينبهك بكل لطف إلى حيث فاتتك الأمور المهمة. 

ثقي أنه لن يخذلك بل سيرفعك عالياً لتتنفسي أفضل. وتكون لك علاقة حميمة معه ويملأ قلبك بالحرية والغبطة التي ستنعكس على كل ما تقومين به وعلى كل من حولك. فأنت تحفته الثمينة ومصدر إلهام للآخرين، فأي إثبات للجود أو توكيد للذات تحتاجين بعد أن عرفت هذا؟!