من أنت بنظر نفسك؟

إعداد: هاني شحادة

قد تستيقظين في يوم من الأيام وأنت لا تشعرين بالرضى عن نفسك. وقد يكون آخر ما ترغبين بسماعه نصيحة الفيلسوف سقراط “اعرف نفسك”. وربما يتبادر إلى ذهنك السؤال التالي: هل أنا إنسانة مميزة؟  إن كنت مقتنعة بأنك كذلك، فهل ستستطيعين الإجابة عن السؤال الذي سيطرح نفسه مباشرة بعدها: ما الذي يجعلني مميزة فعلا؟ ومن هنا تبدئين بالتفكير بكل الأمور التي تظنين بأنها تميزك عن الآخرين: ذكاؤك ومظهرك وثروتك وأصلك ومهنتك وشريك حياتك وأطفالك وسمعتك وأعمالك التطوعية واتجاهاتك السياسية والدينية.. وقد يكون هناك المزيد، لكن هل شعرت بأن هذه الأمور قد ساعدتك فعلاً في يوم ما على التخلص من الشعور بالفراغ أو سدت احتياجك الكبير إلى الشعور بالأهمية؟

ربما تكون الإجابة على هذا السؤال سبباً في انزعاج الكثيرين، ومنهم الذين يبدون لنا معروفين ومهمين.  فحتى هؤلاء قد يصابون بالإحباط أو الذعر إن شعروا أنهم في موقف نقد أو فحص للذات لأنهم يعلمون أن معظم هذه الأمور ليست إلا حلولاً مؤقتة ووسائل لصرف الانتباه عن ضعفاتهم ومشاعر الفراغ لديهم.

من هنا تبرز فكرة جديدة

ألا وهي أننا نشبه طيور النعام التي تدفن رأسها بين الرمال عندما تشعر بالخطر. فلكل منا حفرته الرملية الخاصة إن جاز التعبير، نختبئ بها إلى أن تتحسن الظروف ونصبح بحال أفضل. والعالم الذي نعيش به يشجعنا على أن نفعل ذلك ويلفت انتباهنا إلى وسائل عديدة للهروب. منها السيئ والمتطرف كاللجوء للتدخين والمشروب وعقاقير الهلوسة والنوم والأفلام الإباحية وعلاقات خارج الزواج واللهو والقمار.. وأساليب اعتيادية كالتأمين بأنواعه للشعور بالأمان والتلفاز والتسوق واتباع حميات غذائية والذهاب للنوادي وممارسة الرياضة وتناول الفيتامينات الخاصة بتعديل المزاج وصالونات التجميل والحفلات والسهرات والمشاركة بالبازارات الخيرية.. وهذه الأمور ليست بحد ذاتها سيئة، لكننا عندما نتمسك بها وتكون وسيلتنا الوحيدة بسبب الحاجة الماسة للشعور بتميزنا وأهميتنا فنحن في مشكلة أننا نستمر بالبحث ولا نعرف من نكون.

لذلك أشجعك ألا تستمري في محاولة أن تعرفي “من أنت” فحسب، بل بالأحرى “لمن أنت”. حاولي أن تتعرفي على الذي يجعلك مميزة فعلاً والذي يعطيك الأهمية. ولا تسمحي لأي أمر أو شخص قريبا كان أو صديقا أو حتى غريبا أن يفقدك شعورك بأهميتك وتميزك. فإن كانت اللوحات والمنحوتات الفنية العادية تقدر بآلاف والملايين إن كانت تحمل ختم أو توقيع فنان مشهور، فكم بالأحرى أنت؟ خليقة الله وصنع يديه.. تحفة فنية وقطعة فريدة من نوعها وليس ذلك فحسب بل وعلى قلبك ختم الله. نعم فأنت ملكه وخاصته، وهو الذي خلقك “ببهاء وجمال”.. فأي تميز هذا!