المساكنة 

إعداد: ناهدة قعوار

المساكنة: اسم غريب وفهم عجيب وسلوك بلا رقيب، وعار مشين ورفض لمجتمع سليم. لقد ازداد العلم وكثرت المعرفة في هذا الزمن الذي يُدعى زمن الحرية التي تناثرت منها صفات كثيرة وأعمال متنوعة ومفاهيم مختلفة، منها ما هو مقبول وغيرها مرفوض. لقد أصبح المجتمع فاسداً في الأفكار وخاطئاً في السلوك ومرعباً في النتائج، إذ رخصت الحرية الروحية وارتفعت الحرية العالمية. وحتى مفهوم الصداقة التي كان لها وزنها والتي تكوّنت بمحبة وملاطفة وسلوك مرضي للمجتمع الذي نشأنا فيه- قد تغيّر، وأيضاً الصداقة العائلية الوطيدة التي ربطت أسس المحبة بين الجيران والأقارب والأصحاب. 

الصداقة ثمينة وجميلة خصوصاً إذا نشأت منذ الطفولة وأيام الدراسة أو في زمن الشباب، فأفرخت وأثمرت مودّة وتفاهماً ومساعدة لبعضهم البعض بشهامة ورضى. الصداقة الموثوق بها المتينة الغالية لأنها ثبتت لسنين طويلة وتولّدت بالتقارب والإعجاب، لا يوجد أجمل من الصداقة المتينة لأنها ألزق من الأخوّة. ولكن للأسف لقد تحوّلت كثير من الصداقات المزيّفة في زمن حرية العصر الى المساكنة، فأصبحت فساداً ونجاسة، واختلست اسم الصداقة. إنها الصداقة المزيّفة، صداقة الأنانيّة الشهوانية ومحبّة العالم الشرير، الرافضة تعاليم وسلطان الله، إنها الزّنى بعينه. إنها الصداقة التي لم تكتفِ بالمساكنة” ممارسة الجنس بدون زواج” بل تمادت لتصل إلى اللواطية التي ينهي عنها الكتاب المقدس، والتي أصبحت زواج صداقة ذكر مع ذكر وأنثى مع أنثى، فهل يرضى الله بذلك؟ طبعاً هذا ضدّ إرادته وكلمته، لقد حلّل الله حلّل الزواج المقدّس علناً وليس المساكنة لأنها زواج بلا عهود جماهيرية وزواج في الخفاء، وهل يخفى على الله شيء؟ للأسف إنّ بعض الدّول صرّحت علناً باللواطية، وسرياً بالموافقة على المساكنة. فالسؤال هنا يطرح نفسه: هل هذه الحياة نقيّة أم هي الحرية؟ وكيف أصبحت تتشكّل في المجتمع نوعيات ومفاهيم مشينة؟ أم هذا هو العالم المتحضِّر والمثقف الذي يرفع الرأس؟ لقد شوّهوا الصداقة وحطّموا قيمها ونفوا مفاهيمها السّامية بسبب الشرود من عالم سليم ومجتمع راقٍ، فوصلوا إلى الحضيض. ليس مجتمعنا فقط الذي يرفض هذه الإساءة للأخلاق الحميدة، ثم إنه لن ينسى حقيقة الصداقة والحفاظ على مستوى العائلة عالياً مشهوداً لتربيتها وحسن أخلاقها ومفاهيمها السليمة، لكنها أيضاً كانت ضربة موجعة للمجتمع الراقي لأنها دحضت إرثَ الأخلاق والشهامة وداست اسم الصداقة الحقيقية. 

ليتنا نقف بحزم ضد مثل هذه الحريات المزيّفة لأنها مشينة ومرعبة ونهايتها خسارة فادحة هي خسارة نفس الإنسان إلى الأبد، لنرجِع الى تعاليم الله السّامية وسيرة الأجداد الكرام ونرفض المساكنة واللواطية مهما كلّف الأمر. لنعلّم أولادنا ونرشد شبابنا إلى الحقّ، ونتنبّه الى صداقاتهم ونتابع تصرّفاتهم، لنكُن آباء وأمهات صاحين للحقّ رافضين الباطل، متمسّكين بتعاليم الله الساّمية، ولنسعَ إلى حياة الحرية الروحيّة التي تنقّي من كل شوائب الخطية، والرب هو المعين.