الصيام المسيحي
باب: نموي في الرحلة
الكاتب: القس سمير قعوار
التاريخ: أبريل 1, 2024
من وجهة النظر الكتابي وليس الطائفي
تعددت طرق الصيام المسيحي حسب تعدد الطوائف المسيحية. فهناك من يصوم أربعين يوماً بانقطاع تامٍٍٍ عن الطعام الزافر(المشتقات الحيوانية)، وهناك من يصوم نصف نهار ممتنعين عن الأكل أو يصومون يومين أو ثلاثة في الأسبوع بدمج النوعين السابقين معاً. ومع مرور الزمن، قامت الطوائف المسيحية بتعديل أسلوب الصوم بكل حرية دون قيود لا يمكن احتمالها.
التعدد والتغير والخلط بين رأي الكتاب المقدس ورأي الكنيسة عن الصيام يثير الفضول والأسئلة لمعرفة أساس الصوم والأسلوب الصحيح الذي يجب إتباعه.
إذا كنت تبحثين عن الرضا الإلهي، وعبادة الله وإتباع فرائضه ووصاياه وتودين معرفة الطريقة الصحيحة للصوم. وترغبين أن تصومي لكنك لا تعرفين كيف، أقدم لك فكر الكتاب المقدس من خلال الأسئلة التالية مقارنين الروحيات بالروحيات كما تعلمنا كلمة الله لعلك تحصلين علىالفائدة الروحية والإجابة المرجوة لتلك الأسئلة.
هل الصوم كتابي؟
لمن الصوم؟
كيف نصوم؟
من أين جاء الصوم عن الأغذية الحيوانية؟
ما هي حاجات الصوم؟
الجواب على السؤال الأول: هل الصوم كتابي؟
نعم إن الصوم أمر كتابي كما جاء في إنجيل:
- متى 6: 17 “وأنت متى صمت فادهن راسك”.
- متى 17: 21 “وأما هذا الجنس فلا يخرج إلا بالصلاة والصوم”.
- لوقا 5: 35 “ولكن ستأتي أيام حين يُرفع العريس عنهم حينئذ يصومون”.
الجواب على السؤال الثاني: لمن الصوم؟
إن الصوم مطلوب من الشعب المخصص للرب الذي توجد علاقة بينه وبين إلهه. ونحن نعرف أن العلاقة تبدأ بالمصالحة مع الله وهذه المصالحة كما جاء في الكتاب المقدس هي على حساب عمل المسيح على الصليب لكل من يقبل ويؤمن. إذاً، الصيام ليس لكل الناس إنه لشعب الرب؛ ولو رجعنا قليلاً إلى العهد القديم نجد كيف تدرج الله في الإعلان عن الصوم المقبول كما ورد في عدة أماكن، ونذكر بعضاً منهاً:
- نحميا 9: 1 “وفي اليوم الرابع والعشرين من هذا الشهر اجتمع بنو إسرائيل بالصوم, وعليهم مسوح وتراب وانفصل نسل إسرائيل من جميع بني الغرباء”.
- استير 4: 16 “اذهب اجمع جميع اليهود الموجودين في شوشن وصوموا من جهتي ولا تأكلوا ولا تشربوا ثلاثة أيام ليلا ونهارا).
- أشعياء 58: 1-7
أما الصوم في العهد الجديد فقد خصه الرب بتلاميذه أي كل الذين تبعوه وآمنوا به وليس الذين هم خارج دائرة النعمة والإيمان؛ وقد طلب إلى المؤمنين أن يصلوا ويصوموا. ونعود إلى الشاهد في لوقا 5: 35 وأيضا ما وضحته رسالة بطرس الأولى 2: 9 “وأما انتم فجنس مختار كهنوت ملوكي شعب اقتناء”. انه يكلم نوعاً محدداً من الناس وهم المؤمنون الذين قبلوا نعمة الخلاص ودخلوا في دائرة النعمة وأصبح في مقدورهم تقديم العبادة الصحيحة المقبولة ومن ضمنها الصيام.
الجواب على السؤال الثالث: كيف نصوم؟
إذا تأملنا في سؤال الكتبة والفريسيين ليسوع في لوقا 5: 33 “وقالوا له: لماذا يصوم تلاميذ يوحنا كثيراً ويقدمون طلبات وكذلك تلاميذ الفريسيين أيضاً وأما تلاميذك فيأكلون ويشربون؟” لوجدنا أن الصيام يفسر نفسه على هذا النحو:
لماذا يصوم تلاميذ يوحنا كثيرا, وأما تلاميذك فيأكلون يشربون؟
وبحسب مرقس 2: 18 قالوا “لماذا يصوم تلاميذ يوحنا, وأما تلاميذك فلا يصومون؟
ومن هذين السؤالين نستنتج أن الصوم هو الامتناع عن الأكل والشرب وعدم الصوم هو الأكل والشرب مهما كان نوع الطعام.
اذاً الصيام:
- هو الامتناع التام عن الطعام مهما كان نوعه حتى الخبز والماء.
شواهد كتابية: 2 صموئيل 12 : 16 “صام داود ولم يأكل خبزا” وفي عدد 20 يقول أنه عندما أوقف صيامه وضعوا له خبزا وماء واكل.
- يرافقه جوع، “يسوع بعد أن صام جاع أخيراً”.
- يرافقه ضعف، مزمور 109 : 24 “ركبتاي ارتعشتا من الصوم ولحمي هزل عن سمن”.
- يرافقه السرية “متى صمت فاغسل وجهك وادهن راسك حتى لا تظهر للناس صائماً”.
والسؤال الهام الذي يطرح نفسه الآن من أين جاء الصوم الذي فرضته الكنيسة وما علاقة عدم تناول اللحوم بالصيام؟
لقد جاء هذا الفكر من الفهم الخاطيء لما ورد في سفر دانيال 10: 2-3
حيث جاء في النص “أنا دانيال كنت نائحا ثلاثة أسابيع أيام لم آكل طعاماً شهياً ولم يدخل في فمي لحم ولا خمر”.
ما يلفت النظر هنا أن كلمة نائحاً تختلف عن كلمة صائماً وأن نوح دانيال كان على حالة شعبه في السبي وهو في حالة حزن شديد.
أما شعب الرب، المفديون، فقد حصلوا على كل الفرح والسلام الذي وعدهم به الرب يسوع الآن على حساب جراحه وآلامه ليعطينا الفرح الكامل. ولا يليق بأولاد الرب أن يعيشوا في حالة حزن وضعف. لأن المسيح قد قام من الأموات وهو حي في كل حين يشفع فينا.
إذا الصوم هو حالة مرافقة لعبادة عميقة وحالة روحية مرتفعة. والصوم مقرون بالصلاة دائما. والكتاب يذكر الترتيب الصحيح للصوم وهو دائما الصلاة والصوم “قال يسوع للتلاميذ هذا النوع لا يخرج إلا بالصلاة والصوم”.
إن الامتناع عن الطعام والشراب هو الحالة الطبيعية للمؤمن المشغول بالعبادة والتأمل وقراءة كلمة الله. ينشغل المؤمن في هذه الحالة عن الطعام ويرتفع بالروح ويكون صيامه ذا تأثير فعال وليس تجويعاً للمعدة.
“لأن ليس ملكوت الله أكلاً وشرباً بل هو بر وسلام وفرح في الروح القدس” – رومية 14: 17
وفي اشعياء 58: 3 كلم الرب الشعب عن الصيام الباطل الذي يختص بتجويع المعدة فقط ولا يرافقه التوبة الحقيقية والعبادة والشركة. “ها إنكم في يوم صومكم توجدون مسرة, وبكل أشغالكم تسخرون”. أي أنهم يصومون بلا تكريس وسجود أمام الرب ولا يحصلون على الارتفاع الروحي.
وكما قال داود في المزمور 102: 4 “حتى سهوت عن أكل خبزي”، وذلك عندما كان يدخل في حالة الصلاة والتضرع كان يقوده هذا إلى الصيام.
لا يوجد في الكتاب المقدس أي تعليم بخصوص صوم الأربعين الذي مارسه الرب يسوع له كل المجد حيث كان في حالة صراع مع الجسد الذي سيواجه إبليس الذي يريد من الرب يسوع أن يترك مشروع الصليب والفداء. وهذا الاختبار خاص برب المجد الذي صام هذا الصيام المعجزي الذي لا يقوى عليه بشر حيث انقطع تماما عن الطعام وأخذ الطعام الروحي الذي ساعده على هذه التجربة.
الجواب على السؤال الخامس: ما هي حاجات الصوم؟
- بركة شخصية للمؤمن.
- بركة للخدمة – للكنيسة – لأولاد الرب. وهذا الصوم تتفق عليه جماعة المؤمنين ويتحدون لأجل الصلاة والصوم لأمر معين.
- صلاة وصوم لأجل المعونة الإلهية في أمور مختلفة.
- صلاة وصوم لأجل العالم – لأجل المرضى.
إن زمن الصيام ليس فرضاً على احد وليس فريضة كنسية بل هو بحسب استحسان جماعة المؤمنين حسب الاحتياج. أما الصوم الخاص الشخصي فليس مربوطاً بوقت معين وهو موضوع سري بين المؤمن والرب.
ليت الرب يعطيك بركة خاصة في التعرف عليه أكثر وأكثر وأنا بدوري أقول لك “تلذذي بالرب فيعطيك سؤل قلبك”.
انضمي إلينا اليوم وكوني جزءًا من مجتمعنا المتنوع! سجّلي الآن وأنشئي ملفك الشخصي للاستمتاع بفوائد عديدة وتجارب فريدة داخل موقعنا.